بناء على هذا لا مانع من قبول " المسخ " على ما هو عليه في معناه الظاهري الوارد في الآية الحاضرة وبعض الآيات القرآنية الأخرى، وأكثر المفسرين قبلوا هذا التفسير أيضا.
ولكن بعض المفسرين - وهم الأقلية - قالوا: إن المسخ هو " المسخ الروحاني " والإنقلاب في الصفات الأخلاقية، بمعنى ظهور صفات مثل صفات القرود أو الخنازير في الطغاة والمتعنتين، مثل الإقبال على التقليد الأعمى والتوجه الشديد إلى البطنة والشهوة، التي هي صفات بارزة لهذين الحيوانين.
وهذا الاحتمال نقل عن أحد المفسرين القدامى وهو مجاهد.
وما أخذه البعض على مسألة المسخ، وأنه خلاف التكامل، وأنه يوجب العودة والرجوع والتقهقر في الخلقة غير صحيح، لأن قانون التكامل يرتبط بالذين يسيرون في طريق التكامل، لا أولئك الذين انحرفوا عن مسيرة التكامل، وخرجوا عن دائره هذا القانون.
فعلى سبيل المثال: الإنسان السليم ينمو نموا منتظما في أعوام الطفولة، ولكنه إذا حصلت في وجوده بعض النقائص، فيمكن أن لا يتوقف الرشد والنمو فحسب، بل يتقهقر ويفقد نموه الفكري والجسماني تدريجا.
ولكن يجب الانتباه على كل حال إلى أن المسخ والتبدل والتحول الجسماني يتناسب مع الأعمال التي قام بها الشخص، يعني أن بعض العصاة يسلكون سبيل الطغيان تحت ضغط من دوافع الهوى والشهوة، وجماعة أخرى تتلوث حياتهم بأدران الذنوب أثر التقليد الأعمى، ولهذا يظهر المسخ في كل فريق من هذه الفرق بصورة متناسبة مع كيفية أعمالهم.
على أنه قد جرى الحديث في الآيات الحاضرة فقط عن " القردة " ولم يجر أي حديث عن " الخنازير " ولكن في الآية (60) من سورة المائدة يدور الحديث حول جماعة مسخ بعضهم في صورتين (بعض قردة وبعض خنازير) وهذه الآية