منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا (1).
فأجابهم الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر: بأننا ننهى عن المنكر لأننا نؤدي واجبنا تجاه الله تعالى، وحتى لا نكون مسؤولين تجاهه، هذا مضافا إلى أننا نأمل أن يؤثر كلامنا في قلوبهم، ويكفوا عن طغيانهم وتعنتهم قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون.
ويستفاد من الجملة الحاضرة أن هؤلاء الواعظين كانوا يفعلون ذلك بهدفين:
الأول: أنهم كانوا يعظون العصاة حتى يكونوا معذورين عند الله.
والآخر: عسى أن يؤثروا في نفوس العصاة، ويفهم من هذا الكلام أنهم حتى مع عدم احتمال التأثير، فإنهم كانوا لا يحجمون عن الوعظ والنصيحة في حين أن المعروف هو أن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروطين باحتمال التأثير.
ولكن لابد من الانتباه إلى أنه ربما يجب بيان الحقائق والوظائف الإلهية حتى مع عدم احتمال التأثير، وذلك عندما يكون عدم بيان الأحكام الإلهية، وعدم إنكار المنكر سببا لتناسي وتنامي البدع، وحينما يعد السكوت دليلا على الرضا والموافقة. ففي هذه الموارد يجب إظهار الحكم الإلهي في مكان حتى مع عدم تأثيره في العصاة والمذنبين.
إن هذه النقطة جديرة بالالتفات، وهي أن الناهين عن المنكر كانوا يقولون:
نحن نريد أن نكون معذورين عند (ربكم) وكأن هذا إشارة إلى أنكم أيضا مسؤولون أمام الله، وإن هذه الوظيفة ليست وظيفتنا فقط، بل هي وظيفتكم تجاه ربكم في الوقت ذاته.