هؤلاء الأشخاص في العذاب إلى يوم القيامة.
ويستفاد من هذه الآية أن هذه الجماعة المتمردة الطاغية لن ترى وجه الاستقرار والطمأنينة أبدا، وإن أسست لنفسها حكومة وشيدت دولة، فإنها مع ذلك ستعيش حالة اضطراب دائم وقلق مستمر، إلا أن تغير - بصدق - سلوكها، وتكف عن الظلم والفساد.
وفي ختام الآية يضيف تعالى قائلا: إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم فبالنسبة إلى الكفار سريع العقاب، وبالنسبة للمذنبين التائبين غفور رحيم.
وهذه الجملة تكشف عن أن الله قد ترك الباب مفتوحا أمامهم حتى لا يظن أحد أنه قد كتب عليهم المصير المحتوم والشقاء الأبدي الذي لا خلاص منه.
وفي الآية اللاحقة يشير تعالى إلى تفرق اليهود في العالم فيقول: وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك فهم متفرقون منقسمون على أنفسهم بعضهم صالحون، ولهذا عندما سمعوا بنداء الإسلام وعرفوا دعوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) آمنوا به، وبعضهم لم يكونوا كذلك بل ألقوا الحق وراءهم ظهريا، ولم يرتدعوا عن معصية في سبيل ضمان مصالحهم وحياتهم المادية.
ومرة أخرى تتجلى هذه الحقيقة في هذه الآية وهي أن الإسلام لا يعادي العنصر اليهودي، ولا يشجبهم لكونهم أتباع دين معين، أو منتمين إلى عنصر وعرق معين، بل يجعل أعمالهم هي مقياس تقييمهم.
ثم يضيف تعالى قائلا: وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون.
أي ربما نكرمهم ونجعلهم في رفاه ونعمة حتى نثير فيهم روح الشكر، ويعودوا إلى طريق الحق. وربما نغرقهم في الشدائد والمصاعب والمصائب حتى ينزلوا عن مركب الغرور والأنانية والتكبر، ويقفوا على عجزهم، لعلهم يستيقظون