ومن الواضح أن جملة ما لم ينزل به سلطانا للتأكيد، ولإلفات النظر إلى حقيقة أن المشركين لا يملكون أي دليل منطقي وأي برهان معقول، وكلمة " السلطان " تعني كل دليل وبرهان يوجب تسلط الإنسان وانتصاره على من يخالفه.
وآخر ما يؤكد عليه من المحرمات هو نسبة شئ لم يستند إلى علم الله وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.
ولقد بحثنا حول القول على الله بغير علم عند تفسير الآية (28) من نفس هذه السورة أيضا.
ولقد أكد في الآيات القرآنية والأحاديث الإسلامية على هذه المسألة كثيرا، ومنع المسلمون بشدة عن قول ما لا يعلمون إلى درجة أنه روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماوات والأرض ". (1) ولو أننا أمعنا النظر ودققنا جيدا في أوضاع المجتمعات البشرية، والمصائب والمتاعب التي تعاني منها تلكم المجتمعات، لعرفنا أن القسط الأكبر من هذا الشقاء ناشئ من بث الشائعات، والقول بغير علم، والشهادة بغير الحق، وإبداء وجهات نظر لا تستند إلى برهان أو دليل.
* * *