ثم تشرح التوراة قصة رجوع موسى (عليه السلام) غاضبا إلى بني إسرائيل وإلقاء التوراة، ثم تقول:
" وقال موسى لهارون: ماذا صنع بك هذا الشعب حتى جلبت عليه خطية عظيمة؟!
فقال هارون: لا يحم غضب سيدي. أنت تعرف الشعب إنه في شر ".
إن ما ذكر هو قسم من قصة عبادة بني إسرائيل للعجل برواية التوراة الحاضرة بالنص، في حين أن التوراة نفسها تشير في فصول أخرى إلى سمو مقام هارون وعلو منزلته، ومن ذلك التصريح بأن بعض معاجز موسى قد ظهرت وتحققت على يدي هارون (الإصحاح الثامن من سفر الخروج من التوراة).
كما أنها تصف هارون بأنه نبي قد أعلن عن نبوته موسى (الإصحاح الثامن من سفر الخروج أيضا).
وعلى كل حال، تعترف التوراة لهارون - الذي كان خليفة لموسى (عليه السلام) وعارفا بتعاليم شريعته - بمنزلة سامية... ولكن انظروا إلى الخرافة التي تصف بأنه كان صانع العجل، ومن عوامل حصول الوثنية في بني إسرائيل، وحتى أنه اعتذر لموسى (عليه السلام) عليه بما هو أقبح من الذنب حيث قال: إنهم كانوا يميلون إلى الشر أساسا وقد شجعتهم عليه.
في حين أن القرآن الكريم ينزه هذين القائدين من كل ألوان التلوث بأدران الشرك والوثنية.
على أنه ليس هذا المورد هو المورد الوحيد الذي ينزه فيه القرآن الكريم ساحة الأنبياء والرسل، وتنسب التوراة الحاضرة أنواع الإهانات والخرافات إلى الأنبياء المطهرين. وفي اعتقادنا أن أحد الطرق لمعرفة أصالة القرآن وتحريف التوراة والإنجيل الفعليين، هو هذه المقارنة بين القضايا التأريخية التي وردت في هذه الكتب حول الأنبياء والرسل.
* * *