المالكية الأخيرة تنظيرا وتشبيها، فإذا هو مالك حقيقة يوم الدين نفسه، لا الأمر الآخر الذي توهم أنه المملوك ويوم الدين ظرفه، بل يوم الدين ليس مثل اليوم المعهود في أفق الزمان وعمود الوقت اعتباريا وتخيليا، فإنه مرتبة من الوجود وعالم كلي خارجي، ولأجل ضيق المجال وقصور اللغات عن إفادة المطلوب والمقصود العقلاني، يعبر عنه بيوم الدين، وإلا فلكل موجود يوم الدين، وذلك الموجود نفسه الآخرة ويوم الدين، لا أن اليوم الكذائي كيومنا هذا يعتبر من الحركة أو هو نفسها، بل اليوم في عالم الآخرة ولدى المجردات، لا مبدأ اعتباري له، فلا معنى لاعتبار الوقت هناك، كما لا يخفى على أهله، وجاهله معذور.
وقريب منه: أنه تعالى مالك كل شئ، ولا يخرج عن تحت ظل مالكيته شئ، إلا أن لتلك المالكية ظهورا وبطونا، فبطونه في هذه النشآت لظهور مالكية غيره فيها، ولخفاء أن هذه المالكية ظل مالكيته تعالى على طائفة الملاحدة، فيتخيلون أن السلاطين ملوك، وأن الناس ملاك، وأن الأنبياء والأولياء أرباب السيطرة والقدرة، وأن سليمان - على نبينا وآله وعليه السلام - صاحب السلطنة والعزة والمكنة.
وأما ظهور تلك المالكية فهو في * (يوم الدين) *، لأنه يوم الآخرة وغاية الغايات، وفيه يصل كل ذي غاية ونهاية إلى الغاية والنهاية، وإلى كماله المرغوب له والمنتظر فيه، وهو آخر حقيقته المتدرجة ونهاية حركته الذاتية، وقد تقرر في الكتب العقلية: أن حقيقة كل شئ