للعمومات مصبا خاصا، ويكون الاستغراق بالنسبة إلى تلك المواقف والموارد، ولابد في الاستغراق من مقدمات الحكمة والأمور الخارجة العقلية حتى يثبت العموم الواقعي، ولو سلمنا ذلك في مثل أداة العموم، ك " كل " وما شابهه في إفادة العموم الاستغراقي أو البدلي - كما لا يبعد - لا نسلم ذلك في المحلى باللام، لا لكثرة استعماله في الكتاب إضافيا، لما عرفت ضعفه، بل لعدم ثبوت إفادته العموم لغة.
ومما ذكرناه يظهر ضعف ما في تفسير " العالمين " هنا: من حصر ذلك في بعض العوالم، لما أنها حسب الكتاب استعملت في الأخص، ضرورة أن الإرادة الجدية للأخص في مورد لا تستلزم كون سائر الموارد مستعملة فيه بالضرورة، فلولا القرينة - المتصلة أو المنفصلة - لكان اللفظ قابلا لإفادة الاستغراق، إلا أن ذلك هل يستند إلى الوضع أو إلى مقدمات الحكمة؟ فيه خلاف، وعلى كل هنا تكون المقدمات كاملة وموجودة، فيكون - حسب الظهور الأولي - المراد أعم، فيشمل جميع العوالم الممكنة فيها الربوبية والاخراج من القوة إلى الفعل، فبمقتضى هذه القرينة المتصلة، لابد وأن يكون المراد أخص بمقدار اقتضاء دائرة هذه القرينة، لا أزيد ولا أنقص. وبما حصلناه يسقط جميع الأقوال في هذه المرحلة، مع أنها بلغت إلى أزيد من العشرة، كما عرفت.
إن قلت: في " تفسير ابن إبراهيم القمي " مسندا عن ابن عباس، في قوله تعالى: * (رب العالمين) * قال: إن الله عز وجل خلق ثلاثمائة عالم وبضعة عشر عالما خلف قاف وخلف البحار السبعة، لم يعصوا الله طرفة عين قط، ولم يعرفوا آدم ولا ولده، وكل عالم منهم يزيد على ثلاثمائة وثلاثة عشر