مباحث التقليد من الكتب الفقهية، وهو عندنا محل الكلام، وذلك لأنه إن أريد من الوجوب الوجوب النفسي المستلزم للعقاب، فهو غير صحيح، لأن العقل لا يتمكن من إدراك ما يستتبع العقاب.
وإن أريد منه الوجوب الشرطي - أي أن الوصول إلى مدارج الكمالات والتعين بالصفات والملكات الحسنة - متوقف على ذلك، فهو في محله، لما نجد بالوجدان أن الاستكمالات لا تمكن إلا بمثله.
ثم إن الشكر والحمد: تارة أريد منه التحميد باللسان فهو ما عرفت حكمه.
وأخرى: أريد منه القيام بالوظائف الإلهية - من إتيان الواجبات وترك المحرمات - فهو أيضا من الواجبات الشرطية، أي أن المكلف إذا كان يريد النجاة من تبعات أعماله من العقاب، ويريد استجلاب الثواب، فعليه بهذا الفعل وذاك الترك. ولقد فصلنا البحث حول هذه المسألة في تقاريرنا الفقهية (1).
وما اشتهر من وجوب التقليد فهو أيضا يرجع إلى ذلك، أي أن وجوبه شرطي وتعليقي، أي أن العقل يدرك الملازمة بين النجاة من النار والفوز بالجنة وبين القيام بالوظائف الشرعية، أما إلزام العبد بذلك فهو ليس من شأنه.
كما أن درك لزوم دفع الضرر ولا بدية ذلك فهو - أيضا - مما لا أساس له. نعم ربما تكون الفطرة قائمة على الفرار مما لا يلائم الطبع، وهذا غير