- بحسب إدراك العقل - أحد الحمد لأجل أنه لا يصدر منه الجميل الاختياري، فإن جميله لله تعالى، وهو قد تصدى لتعينه في لباس الكثرة، وفي الحد الخاص، وفي الكثرة الأزمانية والمادية.
وأما توهم: دلالة الآية الكريمة الشريفة على الاختيار، وعلى مسلك العدلية في باب الأفعال، لأجل أن الحمد مرفوع لقيامه مقام الفعل المحذوف، وهو في الأصل كان هكذا: حمدت الله، فيكون استناد الفعل إلى العبد دليلا على أنه فاعل، وجعل الحمد بكليته لله تعالى، دليل على أن الله تعالى دخيل في كل فعل، فلا جبر ولا تفويض، فيكون أمرا بين الأمرين.
فهو في غير محله، وذلك لأن التركيب المزبور باطل، وقد فرغنا في محله عن وجهه. هذا أولا.
وثانيا: الأشعري لا ينكر في الظاهر صدور الفعل من العبد (1)، ولذلك ينكر الحسن والقبح العقليين، لا العرفيين والعقلائيين (2)، فله أن يقول: بأن تصدي العبد في الظاهر للحمد، هو في الحقيقة باختيار الله وإرادته وقدرته، فهو من ظهور حمده لنفسه.
فما يستظهر من الفخر (3) وغيره في هذه المسائل - مع أنه وأمثاله ليسوا أهلا لهذه المسائل على الشأن اللائق بها - كله خال عن التحصيل ونحمد الله تعالى على ما يوفقنا هذه الورطة، ويؤيدنا على فهم مغزى