ولا أجد من كتب اللغة ما يقرب كونه اسم مصدر، إلا قولهم: الحمد خلاف الذم أو نقيضه (1)، وإذا راجعنا الذم فهو يفيد بأنه مصدر. وأما تبادر اسم المصدر منه في بعض الأحيان والاستعمالات، فلا يثبت كونه من أصل لغوي، فإرادة ما يحمد عليه من الحمد والثناء والمدح، لا يخلو من نوع مجاز وتوسع في الاستعمال، فمعنى الحمد لكذا كمعنى الضرب لزيد في كونهما معنى مصدريا.
وثانيا: المدح يقابله الذم والهجاء، والشكر يقابله الكفران * (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) * (2) والثناء لا يستعمل في الأعم حسب ما تفحصنا عنه في اللغة، فما في المراغي (3) وتبعه عمياء المنار (4)، غير راجع إلى محصل - والله العالم - على أن المتبادر منه خلاف ما نسبوه إليه.
وكأن المدح والثناء لا يقعان عليه تعالى، كما لا يحمد الله خلقه، ولكنه يوصف بالشكر، فإنه رحيم شكور. ومن المتوهم اختصاص الحمد به تعالى من العبد، واشتراك الشكر بينهما، واختصاص العبد بالمدح دونه تعالى.
فبالجملة: الترادف قريب في اللغات، ولا سيما في اللغة العربية، لاختلاط الأقوام، ولكن مع ذلك يخطر بالبال اختلافها في بعض