وبالجملة: لا يبقى منها عين ولا أثر. فإن الحيوان لأجل تلك الرحمة الموجودة في وجوده يتمكن من تربية أولاده، ويتحمل الزحمات والمضادات الوجودية والمشقات الكثيرة، فبتلك الرأفة والعطف تنجذب القلوب نحو الأولاد في الحيوان والإنسان، ولأجل هذه المحبة والعشق الذي هو من تجليات تلك الرحمة، يتهيأ لدفع المزاحمات الوجودية والأعداء وغير ذلك.
وهذه الرحمة والرأفة هي التي تبعث الأنبياء والروحانيين والعلماء والزعماء إلى تحمل المشاق وتقبل المصائب في هداية البشر والإنسان إلى الحقائق، وفي إخراجهم من الظلمات إلى النور.
فبالجملة: هذه البارقة الإلهية - التي وجدت في الحيوان عموما وفي الإنسان خصوصا - مدار المجتمعات الصغيرة والكبيرة، وأساس النظامات البلدية والقطرية والمملكتية وغير ذلك.
فإذا كان الإنسان يجد في نفسه تلك الرحمة بالنسبة إلى أفراد نوعه وعائلته، فكيف برب العالمين الذي هو نفس حقيقة الرحمة؟!
ومن تلك الرحمة خلق الخلائق وهيأ لهم الأسباب للراحة والاستراحة، وأوجد من تلك البارقة الملكوتية وأودع منها في النفوس الحيوانية والبشرية، متمنيا أن يصرفها الناس في محالها، وتكون في ظلها هذه الخلائق في الفرح والعيش.
فهل يجوز لك أن لا تكون رحمانا ورحيما بالخلق، الذي هو إما نظير