وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): " أن الرحمن الذي يرحم ببسط الرزق علينا، أو العاطف على خلقه بالرزق، لا يقطع عنهم مواد رزقه وإن انقطعوا عن طاعته " (1)، ومن المعلوم أن رزق الأعيان الثابتة إفاضة الوجود عليها، ورزق الموجود إفاضة ما به قوام بقاء وجوده، وأما الرحمة الرحيمية:
فهي عبارة عن إفاضة الكمالات الاختيارية المرضية على المختارين من الإنس والجن، ولذلك ورد: " أنه الرحيم بعباده المؤمنين في تخفيفه عليهم طاعاته، وبعباده الكافرين في الرفق في دعائهم إلى موافقته " (2)، فتعلق هذه الرحمة بالكافرين، إنما هو من جهة بقاء فطرتهم واقتضائها فعلية مرضية اختيارية من الفعليات المرضية، تقتضي تلك الفعلية الرفق بهم ودعاءهم إلى الدين والمداراة لهم في الدنيا والنصيحة لهم في أمر العقبى وفي آخر الخبر المزبور روي عنه (عليه السلام): " أنه الرحيم بنا في أدياننا ودنيانا وآخرتنا، خفف علينا الدين وجعله سهلا خفيفا، وهو يرحمنا بتمييزنا من أعدائه " (3)، فالرحيمية بمعنى الرضا مقابل الغضب، كالصورة للرحمة الرحمانية، وهي مادة للرضا والغضب، فإن الرحمة الرحمانية قد تصير في بعض الموجودين - وهم المختارون العاصون - غضبا، وفي الآخرين رضا، وهم المطيعون، وما هو الرحمة السابقة على الغضب هي الرحمانية إذا كان الغضب ينتهي إلى عدم الإيجاد، أو هي الرحيمية إذا