المؤمنين، وتدبر في الحضرة الربوبية وما يصنع بالعباد من العطوفة والرأفة ومن اللطف والمحبة، مع تلك القدرة وذلك الغضب الذي لا تقوم له السماوات والأرض فضلا عنك أيها الضعيف المسجون في الدنيا والمحبوس في الطبيعة، عليك أن تجتهد في اكتساب الأخلاق الفاضلة، والتخلق بالفضائل النفسانية والتشبه بالإنسان الكامل، فتكون رحمة لعالمك إن لم تتمكن من أن تكون رحمة للعالمين، فتدبر فيما حكى القرآن عن حدود رأفة الرسول الإلهي الأعظم في سورة الشعراء: * (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين) * (1) وفي سورة الكهف:
* (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) * (2).
سبحان الله ما أعظم شأنه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه يتأسف على حال الكفار والجاحدين، ولقد بلغت مودته ومحبته في إيصال العباد إلى الدار الآخرة وإلى السعادة العظمى إلى حد أخذ رب العالمين في تسليته وتسكينه عما يقع في قلبه الشريف، حذرا عن هلاكه وخوفا من تقطع قلبه وروحه.
فيا أيها الأخ الكريم والعبد الأثيم، إن اتصفت بالرحمة الإلهية وتصورت بصورة تلك البارقة الملكوتية، فمرحبا بك ونعيما لك. وإن تمثلت بمثال الرحمة المحمدية، وتنورت بنور وجوده الذي هو رحمة للعالمين، فبشرى لك وإذا كنت عاجزا عن ذاك وذا، فلا أقل من الاجتهاد في سبيل الشركة مع المؤمنين السابقين، المحشورين مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)