قلت فهذان إسنادان صحيحان إلى ابن جريج بتصريحه بالتحديث، فزالت شبهة تدليس، وطاح بذلك الجزم بأنه لم يسمعه من أبي الزبير.
على أنه لم يتفرد به ابن جريج، فقد تابعه سفيان الثوري عن أبن الزبير به.
أخرجه النسائي (2 / 261) وابن حبان (1503) والخطيب (9 / 135) من طريق عنه به.
لكن قال النسائي عقبه:
" لم يسمعه سفيان من أبي الزبير ".
ثم ساق من طريق أبي داود الحفري عن سفيان عن ابن جريج عن أبي الزبير....!
قلت: الرواية الأولى عن سفيان أصح عندي، لأنه اتفق عليها الجماعة، وهم مخلد، وهو ابن يزيد الحراني عند النسائي، ومؤمل بن إسماعيل، عند ابن حبان، وخالد بن يزيد عند الخطيب، والأول ثقة من رجال الشيخين، والثاني صدوق سئ الحفظ، والثالث مقبول عند الحافظ، فالقلب إلى ما اجتمع عليه هؤلاء الثلاثة أميل. والله أعلم.
وتابعه أيضا المغيرة بن مسلم كما سبق عند أبي داود معلقا، وقد وصله النسائي والطحاوي والبيهقي من طريق شبابة بن سوار قال: ثنا المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر.
قلت: والمغيرة بن مسلم صدوق قاله ابن معين وغيره، كما في " نصب الراية " (3 / 364) وجزم به الحافظ في " التقريب ".
فقد صح بما تقدم السند إلى أبي الزبير، وبقي النظر في عنعنته أيضا، فإنه مدلس، وبذلك أعله ابن القطان. وتعقبه الحافظ بقوله:
" وهو غير قادح، فقد أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " عن ابن جريج، وفيه التصريح بسماع أبي الزبير له من جابر ".