قلت: وقد نظرنا في روايته لهذا الحديث مصرحا بسماع ابن جريج. من روايته عن روح، قد خالف في ذلك. كل من وقفنا على روايته لهذا الحديث عن روح من الثقات، مثل بشر بن آدم عند ابن ماجة، والحارث بن أبي أسامة عند الحاكم، ومحمد بن سعد العوفي عند البيهقي، فإنهما قالا عن روح عن ابن جريج عن حبيب كما تقدم الأولان ثقتان، الأولى احتج به البخاري والثاني حافظ صدوق، والأخر قال الدارقطني " لا بأس به "، وكذلك فإنه خالف أيضا رواية الآخرين عن ابن جريج، فلم يصرح أحد منهم بالسماع فدل ذلك على نكارة روايته أو شذوذها على الأقل. ولذلك قال الحافظ في " التلخيص " (ص 108):
" وقد قال أبو حاتم في " كتاب العلل ": أن الواسطة بينهما (يعني ابن جريج وحبيب) هو الحسن بن ذكوان، قال: ولا يثبت لحبيب رواية عن عاصم. فهذه علة أخرى، وكذا قال ابن معين أن حبيبا لم يسمعه من عاصم، وأن بينهما رجلا ليس بثقة، وبين البزار أن الواسطة بينهما هو عمرو بن خالد الواسطي، ووقع في زيادات " المسند " وفي الدارقطني ومسند الهيثم بن كليب تصريح ابن جريج بإخبار حبيب له وهو وهم في نقدي، وقد تكلمت عليه في (الإملاء عل أحاديث مختصر ابن الحاجب) ".
والخلاصة: ان الحديث منقطع في موضعين.
الأول: بين ابن جريح وحبيب.
والآخر: بين حبيب وعاصم.
فإن صح أن الواسطة بين الأولين الحسن بن ذكوان فالأمر سهل، لأن ابن ذكوان هذا مختلف فيه، وقد احتج البخاري، وأما عمرو بن خالد فكذاب وضاع فهو آفة الحديث.
لكن في الباب عن جماعة من الصحابة منهم جرهد، وابن عباس ومحمد بن عبد الله بن جحش. وهي وإن كانت أسانيدها كلها لا تخلو من ضعف كما بينته في " نقد الناتج " رقم (58) وبينه قبلي الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " (243 - 245) فإن بعضها يقوي بعضا، لأنه ليس فيها متهم، بل عللها تدور بين