الاضطراب والجهالة والضعف المحتمل، فمثلها مما يطمئن القلب لصحة الحديث المروي بها، لا سيما وقد صحح بعضها الحاكم ووافقه الذهبي! وحسن بعضها الترمذي وعلقها البخاري في صحيحه فقال (1 / 105):
" باب ما يذكر في الفخذ. وروي عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي (صلى الله عليه وسلم): الفخذ عورة. قال أنس: حسر النبي (صلى الله عليه وسلم) عن فخذه، وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط حتى نخرج من اختلافهم ".
بل قال البيهقي بعد أن ساق أحاديث هؤلاء الثلاثة: " وهذه أسانيد صحيحة يحتج بها "!
وقد تعقبه ابن التركماني وبين عللها، وذكر عن ابن الصلاح أن الثلاثة متقاعدة عن الصحة.
وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي في " شرح ا لمعاني " (1 / 274): " وقد جاءت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) آثار متوافرة صحاح فيها أن الفخذ من العورة.
ولا يشك الباحث العارف بعلم المصطلح أن مفردات هذه الأحاديث كلها معللة، وأن تصحيح أسانيدها من الطحاوي والبيهقي فيه تساهل ظاهر، غير أن مجموع هذه الأسانيد تعطي للحديث قوة فيرقى بها إلى درجة الصحيح، لا سيما وفي الباب شواهد أخرى بنحوها تأتي بعده.
ولكن هناك أحاديث أخرى تخالف هذه، ومن المفيد أن أذكر بعضها:
الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت:
" كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مضطجعا في بيته كاشفا عن فخذيه، فأستأذن أبو بكر، فأذن له، وهو على تلك الحال، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس النبي (صلى الله عليه وسلم) يسوي ثيابه وقال محمد: - ولا أقول ذلك في يوم واحد - فدخل، فتحدث، فلما خرج قالت له عائشة: دخل عليك أبو بكر فلم تجلس، ثم دخل عثمان، فجلست وسويت ثيابك؟ فقال: ألا استحيي ممن استحيى منه الملائكة ".
أخرج الطحاوي في " المشكل " (2 / 283 - 284) من طريق محمد بن أبي