أموالهم (وإن تخالطوهم) أي في حال الأكل، الآية (فإخوانكم) أي فهم إخوانكم حقيقة، أو حكما، فإن المؤمنين أخوة، ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (والله يعلم المفسد) في أعماله (من المصلح) في أحواله، وفي هذا وعد ووعيد لمربي اليتيم وأمثاله (ولو شاء الله لأعنتكم) أي لأوقعكم في العنت، وهو المشقة والمحنة، بعدم جواز المخالطة. ولكن ما شاءها، فلم يقع العنت، لأنه سبحانه قال: (ليس عليكم في الدين من حرج) وقال تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقال عز وجل: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) أي طاقتها (إن الله عزيز)) أي غالب على أمره (حكيم) في تدبيره.
وفي تفسير البغوي، قال ابن عباس، وقتادة: " لما نزلت الآية: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) وقوله: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) الآية تحرج المسلمون من أموال اليتامى تحرجا شديدا، أي تحولوا اليتامى عن أموالهم، حتى كان يصنع لليتيم طعام، فيفضل منه شئ، فيتركونه، ولا يأكلونه حتى يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية: (قل إصلاح لهم خير) أي الإصلاح لأموالهم من غير أجرة ولا أخذ عوض خير وأعظم أجرا.
قال مجاهد: يوسع عليه من طعام نفسه، ولا يتوسع من طعام اليتيم (وإن تخالطوهم)، هذا إباحة المخالطة، أي أن تشاركوهم في أموالهم وتخالطوهم بأموالكم في نفقاتكم ومساكنكم وخدمكم ودوابكم فتصيبوا من أموالهم عوضا من قيامكم بأمورهم وتكافئوهم على ما تصيبون من أموالهم (فإخوانكم)، والإخوان يعين بعضهم بعضا، ويصيب بعضهم من مال بعض على وجه الإصلاح، (والله يعلم