فيكون إذا مضى حول من حينئذ إلى مثله من شهر رمضان من السنة الجائية لا ليلة قدر فيه ففسد بما ذكرنا قول أبي يوسف رحمه الله الذي وصفنا وثبت على هذا الترتيب ما ذهب إليه أبو حنيفة رضي الله عنه وقد كان أبو يوسف رحمه الله قال مرة أخرى إذا قال لها القول في بعض شهر رمضان إن الطلاق لا يقع حتى يمضي ليلة سبع وعشرين وذهب في ذلك فيما نرى والله أعلم إلى أن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنها في ليلة من شهر رمضان بعينها هو حديث بلال وحديث أبي بن كعب فإذا مضت ليلة سبع وعشرين علم أن ليلة القدر قد كانت فحكم بوقوع الطلاق وقبل ذلك فليس يعلم كونها فكذلك لم يحكم بوقوع الطلاق وهذا القول تشهد له الآثار التي رويناها في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم باب طلاق المكره حدثنا ربيع بن سليمان المؤذن قال ثنا بشر بن بكر قال أخبرنا الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاوز الله لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الرجل إذا أكره على طلاق أو نكاح أو يمين أو إعتاق أو ما أشبه ذلك حتى فعله مكرها أن ذلك كله باطل لأنه قد دخل فيما تجاوز الله فيه للنبي صلى الله عليه وسلم عن أمته واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يلزمه ما حلف به في حال الاكراه من يمين وينفذ عليه طلاقه وعتاقه ونكاحه ومراجعته لزوجته المطلقة إن كان راجعها وتأولوا في هذا الحديث معنى غير المعنى الذي تأوله أهل المقالة الأولى فقالوا إنما ذلك في الشرك خاصة لان القوم كانوا حديثي عهد بكفر في دار كانت دار كفر فكان المشركون إذا قدروا عليهم استكرهوهم على الاقرار بالكفر فيقرون بذلك بألسنتهم قد فعلوا ذلك بعمار بن ياسر رضي الله عنه وبغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم فنزلت فيهم إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان وربما سهوا فتكلموا بما جر ت عليه عادتهم قبل الاسلام وربما أخطأوا فتكلموا بذلك أيضا فتجاوز الله عز وجل لهم عن ذلك لأنهم غير مختارين لذلك ولا قاصدين إليه
(٩٥)