ولكنا منعنا من ذلك بما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما حكم به المسلمون من بعده فلما ثبت ما حكموا به من ذلك فنظرنا إلى ما أختلف فيه من حكم ما قدر عليه المسلمون في ذلك فأخذوه من أيدي المشركين فجاء صاحبه بعد ما قسم هل له أن يأخذه بالقيمة كما قال بعض من روينا عنه في هذا الباب أو لا يأخذه بقيمة ولا غيرها كما قد قال بعض من روينا عنه في هذا الباب أيضا فنظرنا في ذلك فرأينا النبي صلى الله عليه وسلم قد حكم في مشتري البعير من أهل الحرب أن لصاحبه أن يأخذه منه بالثمن وكان ذلك البعير قد ملكه المشتري من الحربيين كما يملك الذي يقع في سهمه من الغنيمة ما يقع في سهمه منها فالنظر على ذلك أن يكون الامام إذا قسم الغنيمة فوقع شئ منها في يد رجل وقد كان أسر ذلك من يد آخر أن يكون المأسور من يده كذلك وأن يكون له أخذ ما كان أسر من يده من يدي الذي وقع في سهمه بقيمته كما يأخذه من يد مشتريه الذي ذكرنا بثمنه وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين باب ميراث المرتد لمن هو حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب فذكر بإسناده مثله حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن المرتد إذا قتل على ردته أو مات عليها كان ماله لبيت مال المسلمين واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ميراثه لورثته من المسلمين وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن ذلك الكافر الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يبين لنا فيه أي كافر هو فقد يجوز أن يكون هو الكافر الذي له ملة ويجوز أن يكون هو الكافر كل كفر كان ما كان ملة أو غير ملة فلما احتمل ذلك لم يجز أن يصرف إلى أحد المعنيين دون الآخر إلا بدليل يدل على ذلك فنظرنا هل في شئ من الآثار ما يدل على ما أراد به من ذلك
(٢٦٥)