بالسوط والعصا والحجر فيه مائة من الإبل منها أربعون خلفة في بطونها أولادها فكان من حجتنا عليه في ذلك أنه قروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النفس ما قد روي عنه فيها وقد روي عنه فيما دون النفس ما يخالف ذلك وهو ما قد ذكرناه بإسناده في أول هذا الكتاب في خبر الربيع أنها لطمت جارية فكسرت ثنيتها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بالقصاص وقد رأينا اللطمة إذا أتت على النفس لم يجب فيها قود ورأيناها فيما دون النفس قد أوجبت القود فثبت بذلك أن ما كان في النفس شبه عمد أنه فيما دون النفس عمد على تصحيح هذه الآثار وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن أجمعين باب الرجل يقول عند موته إن مت ففلان قتلني قال أبو جعفر قد روينا فيما تقدم من هذا الكتاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأل الجارية التي رضخ رأسها من رضخ رأسك أفلان هو فأومت برأسها أي نعم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برضخ رأسه بين حجرين فذهب قوم إلى هذا الحديث فزعموا أنهم قلدوه وقالوا من أدعى وهو في حال الموت أن فلانا قتله ثم مات قبل قوله في ذلك وقتل الذي ذكر أنه قتله وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم سأل اليهودي فأقر بما ادعت الجارية عليه من ذلك فقتله بإقراره لا بدعوى الجارية فاعتبرنا الآثار التي قد جاءت في ذلك هل نجد فيها على شئ من ذلك دليلا فإذا بن أبي داود قد حدثنا قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا همام عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وزاد قال فسأله فأقر بما ادعت فرضخ رأسه بين حجرين حدثنا فهد قال ثنا أبو الوليد الطيالسي قال ثنا همام عن قتادة عن أنس أن يهوديا رضخ رأس جارية بين حجرين فقيل لها من فعل بك هذا أفلان أفلان حتى ذكروا اليهودي فأتي به فأعترف فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضخ رأسه بين حجرين ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قتله بإقراره بما أدعى عليه لا بدعوى الجارية وقد بين ذلك أيضا ما قد أجمعوا عليه
(١٩٠)