فقال النبي صلى الله عليه وسلم أسجع كسجع الاعراب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بغرة فجعله على قومها قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الغرة الواجبة في الجنين إنما تجب لام الجنين لان الجنين لم يعلم أنه كان حيا في وقت وقوع الضربة بأمه وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل تلك الغرة المحكوم بها للجنين ثم يرثها من كان يرثه لو كان حيا وكان من الحجة لهم في ذلك ما قد ذكرناه في هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى على المحكوم عليه بالغرة قال كيف يعقل من لا أكل ولا شرب ولا نطق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه غرة عبد أو أمة ولم يقل للذي سجع ذلك السجع إنما حكمت بهذا للجناية على المرأة لا في الجنين وقد دل على ذلك أيضا ما رويناه فيما تقدم في هذا الكتاب أن المضروبة ماتت بعد ذلك من الضربة فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بالدية مع قضائه بالغرة فلو كانت الغرة للمرأة المقتولة إذا لما قضى لها بالغرة ولكان حكمها حكم امرأة ضربتها امرأة فماتت من ضربها فعليها ديتها ولا يجب عليها للضربة أرش فلما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع دية المرأة بالغرة ثبت بذلك أن الغرة دية للجنين لا لها فهي موروثة عن الجنين كما يورث ماله لو كان حيا فمات اتباعا لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين كتاب السير رضي الله عنه باب الامام يريد قتال أهل الحرب هل عليه قبل ذلك أن يدعوهم أم لا حدثنا أبو بشر عبد الملك بن مروان الرقي قال ثنا محمد بن يوسف الفريابي قال ثنا سفيان بن سعيد الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر رجلا على سرية قال له إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم أدعهم إلى الاسلام فإن أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم ثم أدعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المسلمين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك أن عليهم ما على المهاجرين ولهم ما لهم فإن هم أبوا فأخبرهم أنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الفئ والغنيمة
(٢٠٦)