رأينا الظهار قولا منكرا وزورا وقد لزمت به حرمة كان كذلك الطلاق المنهي عنه هو منكر من القول وزورا والحرمة به واجبة وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن طلاق عبد الله امرأته وهي حائض أمره بمراجعتها وتواترت عنه بذلك الآثار وقد ذكرتها في الباب الأول ولا يجوز أن يؤمر بالمراجعة من لم يقع طلاقه فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ألزمه الطلاق في الحيض وهو وقت لا يحل إيقاع الطلاق فيه كان كذلك من طلق 0 امرأته ثلاثا فأوقع كلا في وقت الطلاق لزمه من ذلك نفسه وإن كان قد فعله على خلاف ما أمر به فهذا هو النظر في هذا الباب وفي حديث بن عباس رضي الله عنهما ما لو اكتفينا به كان حجة قاطعة وذلك أنه قال فلما كان زمان عمر رضي الله عنه قال أيها الناس قد كانت لكم في الطلاق أناة وإنه من تعجل أناة الله في الطلاق ألزمناه إياه حدثنا بذلك بن أبي عمران قال ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال أخبرنا عبد الرزاق ح وحدثنا عبد الحميد بن عبد العزيز قال ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال ثنا عبد الرزاق عن معمر عن طاوس عن أبيه عن ابن عباس مثل الحديث الذي ذكرناه في أول هذا الباب غير أنهما لم يذكرا أبا الصهباء ولا سؤاله بن عباس رضي الله عنهما وإنما ذكر مثل جواب بن عباس رضي الله عنهما الذي في ذلك الحديث وذكرا بعد ذلك من كلام عمر رضي الله عنه ما قد ذكرناه قبل هذا الحديث فخاطب عمر رضي الله عنه بذلك الناس جميعا وفيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم الذين قد علموا ما تقدم من ذلك في ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليه منهم منكر ولم يدفعه دافع فكان ذلك أكبر الحجة في نسخ ما تقدم من ذلك لأنه لما كان فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا فعلا يجب به الحجة كان كذلك أيضا إجماعهم على القول إجماعا يجب به الحجة وكما كان إجماعهم على النقل بريئا من الوهم والزلل كان كذلك إجماعهم على الرأي بريئا من الوهم والزلل وقد رأينا أشياء قد كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاني فجعلها أصحابه من بعده على خلاف تلك المعاني لما رأوا فيه مما قد خفي على من بعدهم فكان ذلك حجة ناسخا لما تقدمه من ذلك تدوين الدواوين والمنع من بيع أمهات الأولاد وقد كن يبعن قبل ذلك
(٥٦)