على طريق ما وقع في قلبه صلى الله عليه وسلم منه شئ فأمر به على الشفقة منه على أمته لا غير ذلك كما قد كان أمر في ترك تأبير النخل فإنه قد حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو عامر قال ثنا إسرائيل قال ثنا سماك عن موسى بن طلحة عن أبيه أنه قال مررت مع النبي صلى الله عليه وسلم في نخل المدينة فإذا أناس في رؤوس النخل يلقحون النخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يصنع هؤلاء فقيل يأخذون من الذكر فيجعلونه في الأنثى فقال ما أظن ذلك يغني شيئا فبلغهم فتركوه ونزعوا عنها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنما هو ظن ظننته إن كان يغني شيئا فليصنعوه فإنما أنا بشر مثلكم وإنما هو ظن ظننته والظن يخطئ ويصيب ولكن ما قلت لكم قال الله فلن أكذب على الله حدثنا يزيد قال ثنا أحمد بن عبدة قال أخبرنا حفص بن جميع قال ثنا سماك أنه سمع موسى بن طلحة يحد ث عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه حدثنا يزيد قال ثنا أبو الوليد ويحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أمه عن النبي صلى الله عليه وسلم فحدث مثله حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا أبو عوانة عن سماك فذكر بإسناده مثله فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن ما قاله من جهة الظن فهو فيه كسائر الناس في ظنونهم وأن الذي يقوله مما لا يكون على خلاف ما يقوله هو ما يقوله عن الله عز وجل فلما كان نهيه عن الغيلة لما كان خاف منها على أولاد الحوامل ثم أباحها لما علم أنها لا تضرهم دل ذلك على أن ما كان نهى عنه لم يكن من قبل الله عز وجل وأنه لو كان من قبل الله عز وجل لكان يقف به على حقيقة ذلك ولكنه من قبل ظنه الذي قد وقف بعده على أن ما في الحقيقة مما نهى عما نهي عنه من ذلك من أجله بخلاف ما وقع في قلبه من ذلك فثبت بما ذكرناه أن وطئ الرجل امرأته وأمته حاملا حلال لم يحرم عليه قط وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم
(٤٨)