أن القصا ص قد كان وجب له بعينه قبل عفوه عنه ولولا وجوبه له إذا لما كان له إبطاله بعفوه كما لم يجز عفو الابن عن دم أبيه قبل وجوبه له ففي ثبوت ما ذكرنا وانتفاء هذه الوجوه التي وصفنا ما يدل أن الواجب على القاتل عمدا أو الجارح عمدا هو القصا ص لا غير ذلك من دية وغيرها إلا أن يصلح هو إن كان حيا أو وارثه إن كان ميتا والذي وجب ذلك عليه على شئ فيكون الصلح جائزا على ما اصطلحا عليه من دية أو غيرها وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين باب الرجل يقتل رجلا كيف يقتل حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا همام عن قتادة عن أنس أن يهوديا رض رأس صبي بين حجرين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا الحديث فقلدوه وقالوا يقتل كل قاتل بما قتل به وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا كل من وجب عليه قود لم يقتل إلا بالسيف وقالوا هذا الحديث الذي رويتموه يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم رأى أن ذلك القاتل يجب قتله لله إذ كان إنما قتل على مال قد بين ذلك في بعض الحديث حدثنا إبراهيم بن داود قال ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال ثنا إبراهيم بن سعد عن شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك قال عدا يهودي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جارية فأخذ أوضاحا كانت عليها ورضخ رأسها فأتى بها أهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في آخر رمق وقد أصمتت وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتلك أفلان لغير الذي قتلها فأشارت برأسها أي لا فقال لرجل آخر غير الذي قتلها فأشارت برأسها أي لا فقال ففلان لقاتلها فأشارت أي نعم فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض رأسه بين حجرين فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل دم ذلك اليهودي قد وجب لله عز وجل كما يجب دم قاطع الطريق لله تعالى فكان له أن يقتل كيف شاء بسيف أو بغير ذلك والمثلة حينئذ مباحة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين
(١٧٩)