ولما ثبت أن عقد أم سلمة رضي الله عنها النكاح على بضعها كان جائزا دون أوليائها وجب أن يحمل معاني الآثار التي قدمنا ذكرها في هذا الباب على هذا المعنى أيضا حتى لا يتضاد شئ منها ولا يتنافى ولا يختلف وأما النظر في ذلك فإنا قد رأينا المرأة قبل بلوغها يجوز أمر والدها عليها في بضعها ومالها فيكون العقد في ذلك كله إليه لا إليها وحكمه في ذلك كله حكم واحد غير مختلف فإذا بلغت فكل قد أجمع أن ولايته على مالها قد ارتفعت وأن ما كان إليه من العقد عليها في مالها في صغرها قد عاد إليها فالنظر على ذلك أن يكون كذلك العقد على بضعها يخرج ذلك من يد أبيها ببلوغها فيكون ما كان إليه من ذلك قبل بلوغها قد عاد إليها ويستوي حكمها في مالها وفي بضعها بعد بلوغها فيكون ذلك إليها دون أبيها ويكون حكمها مستويا بعد بلوغها كما كان مستويا قبل بلوغها فهذا حكم النظر في هذا الباب وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله أيضا إلا أنه كان يقول إن زوجت المرأة نفسها من غير كفء فلوليها فسخ ذلك عليها وكذلك إن قصرت في مهرها فتزوجت بدون مهر مثلها فلوليها أن يخاصم في ذلك حتى يلحق بمهر مثل نسائها وقد كان أبو يوسف رحمة الله عليه كان يقول إن بضع المرأة إليها الولاء في عقد النكاح عليه لنفسها دون وليه يقول إنه ليس للولي أن يعترض عليها في نقصان ما تزوجت عليه عن مهر مثلها ثم رجع عن قوله هذا كله إلى قول من قال لا نكاح إلا بولي وقوله الثاني هذا قول محمد بن الحسن رحمة الله تعالى عليه والله أعلم بالصواب باب الرجل يريد تزوج المرأة هل يحل له النظر إليها أم لا حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا أبو شهاب الحناط عن الحجاج بن أرطأة عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة عن عمه سليمان بن أبي حثمة قال رأيت محمد بن مسلمة يطارد ثبيتة بنت الضحاك فوق إجار لها ببصرة طردا شديدا فقلت أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١٣)