ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها في ليلة بعينها وقد أمرهم بعد رؤيته إياها أن يتحروها فيما بعد في التاسعة والسابعة والخامسة فدل ذلك أنه قد تكون في عام في ليلة بعينها ثم تكون فيما بعد في ليلة غير تلك الليلة فدل ذلك ك على المعنى الذي ذهبنا إليه في حديث بن أنيس رضي الله عنه وقد روي في ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه ما حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال ثنا يونس عن سفيان عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أريت ليلة القدر ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها فالتمسوها في العشر الغوابر جمع غابر أي البواقي حدثنا أبو أمية قال ثنا يحيى بن صالح قال ثنا إسحاق بن يحيى عن الزهري قال حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريت ليلة القدر فأنسيتها فالتمسوها في العشر الغوابر حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا المسعودي عن عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نسي الليلة التي كانت أريها أنها ليلة القدر وذلك قبل كون تلك الليلة فأمر بالتماس ليلة القدر فيما بعد من ذلك الشهر في العشر الأواخر فهذا خلاف ما في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه إلا أنه قد يجوز أن يكون ذلك كان في عامين فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحدهما ما ذكره عنه أبو هريرة رضي الله عنه قبل كون الليلة التي هي ليلة القدر وذلك لا ينفي أن تكون فيما بعد ذلك العام من الأعوام الجائية فيما قبل ذلك من الشهر ويكون ما ذكره عباد على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في ذلك العام على ليلة القدر بعينها ثم خرج ليخبرهم بها فرفعت ثم أمرهم بالتماسها فيما بعد ذلك من الأعوام في السابعة والخامسة والتاسعة وذلك أيضا كله على التحري لا على اليقين وقد حدثنا بحر بن نصر قال ثنا أسد قال ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر تسعا يبقين وسبعا يبقين وخمسا يبقين فقد يجوز أن يكون أراد بذلك العام الذي كان اعتكف فيه وأري ليلة القدر فأنسيها إلا أنه كان علم أنها في وتر فأمرهم بالتماسها في كل وتر من ذلك العشر ثم جاء المطر فاستدل بها أنها كانت في عامه ذلك في تلك الليلة بعينها وليس في ذلك دليل على وقتها في الأعوام الجائية بعد ذلك هل هي في تلك الليلة بعينها أو فيما قبلها أو فيما بعدها
(٩٠)