وكان من الحجة لهم في ذلك أن حديث بن جريج الذي ذكرناه عن سليمان بن موسى قد ذكر بن جريج أنه سأل عنه بن شهاب فلم يعرفه حدثنا بذلك بن أبي عمران قال أخبرنا يحيى بن معين عن ابن علية عن ابن جريج بذلك قال أبو جعفر وهم يسقطون الحديث بأقل من هذا وحجاج بن أرطأة فلا يثبتون له سماعا عن الزهري وحديثه عنه عندهم مرسل وهم لا يحتجون بالمرسل وابن لهيعة فهم ينكرون على خصمهم الاحتجاج عليهم بحديثه فكيف يحتجون به عليه في مثل هذا ثم لو ثبت ما رووا من ذلك عن الزهري لكان قد روي عن عائشة رضي الله عنها ما يخالف ذلك حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب أن مالكا أخبره عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال أمثلي يصنع به هذا ويفتات عليه فكلمت عائشة عن المنذر فقال المنذر إن ذلك بيد عبد الرحمن فقال عبد الرحمن ما كنت أرد أمرا قضيتيه فقرت حفصة عنده ولم يكن ذلك طلاقا وحدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني الليث عن عبد الرحمن بن القاسم فذكر بإسناده مثله حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني حنظلة وأفلح عن القاسم بن محمد في حفصة بمثل ذلك فلما كانت عائشة رضي الله عنها قد رأت أن تزويجها بنت عبد الرحمن بغيره جائز ورأت ذلك العقد مستقيما حتى أجازت فيه التمليك الذي لا يكون إلا عن صحة النكاح وثبوته استحال عندنا أن يكون ترى ذلك وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم قال لا نكاح إلا بولي فثبت بذلك فساد ما روي عن الزهري في ذلك واحتج أهل المقالة الأولى أيضا لقولهم بما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر وحدثنا أبو بكرة ومحمد بن خزيمة قالا ثنا عبد الله بن رجاء قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولي أي إلا بإذنه فكان من الحجة عليهم في ذلك أن هذا الحديث على أصلهم أيضا لا تقوم به حجة وذلك أن من هو أثبت من إسرائيل وأحفظ منه مثل سفيان وشعبة قد رواه عن أبي إسحاق منقطعا
(٨)