وترتفع الكفارة حيث يجب الاثم ورأينا شبه العمد قد أجمعوا أن الدية فيه وأن الكفارة فيه واجبة واختلفوا في كيفيتها ما هي فقال قائلون هو الرجل يقتل رجلا متعمدا بغير سلاح وقال آخرون هو الرجل يقتل الرجل بالشئ الذي لا يرى أنه يقتله كأنه يتعمد ضرب رجل بسوط أو بشئ لا يقتل مثله فيموت من ذلك فهذا شبه العمد عندهم فإن كرر عليه الضرب بالسوط مرارا حتى كان ذلك مما قد يقتل مثله كان ذلك عمدا ووجب عليه فيه القود وكل من جعل منهم شبه العمد على جنس من هذين الجنسين أوجب فيه الكفارة وقد رأينا الكفارة فيما قد أجمع عليه الفريقان تجب حيث لا يجب الاثم وتنتفي حيث يكون الاثم وكان القاتل بحجر أو بعصا أو مثل ذلك يقتل عليه إثم النفس وهو فيما بينه وبين ربه كمن قتل رجلا بحديدة وكان من قتل رجلا بسوط ليس مثله يقتل غير آثم إثم القتل ولكنه آثم إثم الضرب فكان إثم القتل في هذا عنه مرفوعا لأنه لم يرده وإثم الضرب عليه مكتوب لأنه قصده وأراده فكان النظر أن يكون شبه العمد الذي قد أجمع أن فيه كفارة في النفس هو ما لا إثم فيه وهو القتل بما ليس مثله يقتل الذي يتعمد به الضرب ولا يراد به تلف النفس فيأتي ذلك على تلف النفس فقد ثبت ت بذلك قول أهل هذه المقالة وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهما وقد روي ذلك أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عيسى بن إبراهيم البركي قال ثنا عبد الواحد قال ثنا الحجاج قال حدثني زيد بن جبير الجشمي عن حروة بن حميد عن أبيه قال قال عمر بن الخطاب يعمد أحدكم فيضرب أخاه مثل آكلة اللحم قال الحجاج يعني العصا ثم يقول لا قود علي لا أوتى بأحد فعل ذلك إلا أقدته وقد روي عن علي رضي الله عنه خلاف ذلك حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال شبه العمد بالعصا والحجر الثقيل وليس فيهما قود والله أعلم بالصواب باب شبه العمد هل يكون فيما دون النفس كما يكون في النفس قال أبو جعفر فإن قال قائل لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النفس قد يكون فيها شبه عمد كا كذلك فيما دون النفس وذكر في ذلك الآثار التي قد رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فيها ألا إن قتيل خطأ العمد
(١٨٩)