قال أبو جعفر فهذا الحديث مفسر قد أخبر فيه عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم فادى بذلك المأسور بعد أن أقر بالاسلام وقد أجمعوا أن ذلك منسوخ وأنه ليس للامام أن يفدى من أسر من المسلمين بمن في يديه من أسرى أهل الحرب الذين قد أسلموا وأن قول الله تعالى لا ترجعوهن إلى الكفار قد نسخ أن يرد أحد من أهل الاسلام إلى الكفار فلما ثبت بذلك وثبت أن لا يرد إلى الكفار من جاءنا منهم بذمة وثبت أن الذمة تحرم ما حرمه الاسلام من دماء أهلها وأموالهم وأنه يجب علينا منع أهلها من نقضها والرجوع إلى دار الحرب كما يمنع المسلمون من نقض إسلامهم والخروج إلى دار الحرب على ذلك وكان من أصبناه من أهل الحرب فملكناه صار بملكنا إياه ذمة لنا ولو أعتقناه لم يعد حربيا على ذلك وكان لنا أخذه بأداء الجزية إلينا كما نأخذ بسائر ذمتنا وعلينا حفظه مما يحفظهم منه وكان حراما علينا أن نفادي بعبيدنا الكفار الذين قد ولدوا في دارنا لما قد صار لهم من الذمة فالنظر على ذلك أن يكون كذلك هذا الحربي إذا أسرناه فصار ذمة لنا وقع ملكنا عليه أن يحرم علينا المفاداة به ورده إلى أيدي المشركين وهذا قول أبي حنيفة رحمة الله عليه باب ما أحرز المشركون من أموال المسلمين هل يملكونه أم لا حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال كانت العضباء من سوابق الحاج فأغار المشركون على سرح المدينة فذهبوا به وفيه العضباء وأسروا امرأة من المسلمين وكانوا إذا نزلوا يرسلون إبلهم في أفنيتهم فلما كانت ذات ليلة قامت المرأة وقد نوموا فجعلت لا تضع يدها على بعير إلا رغا حتى إذا أتت على العضبا فأتت على ناقة ذلول فركبتها وتوجهت قبل المدينة ونذرت لئن نجاها الله عليها لتنحرنها فلما قدمت عرفت الناقة فأتوا بها النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته المرأة بنذرها فقال بئس ما جزيتها أو وفيتها لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك بن آدم قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن غنيمة أهل الحرب من أموال المسلمين مردود على المسلمين قبل القسمة وبعدها لان أهل الحرب في قولهم لا يملكون أموال المسلمين بأخذهم إياها من المسلمين وقالوا قول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي أخذت العضباء لا نذر لابن آدم فيما لا يملك دليل على أنها لم تكن ملكتها بأخذها إياها من أهل الحرب وأن أهل الحرب لم يكونوا ملكوها على النبي صلى الله عليه وسلم وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ما أخذه أهل الحرب من أموال المسلمين فأحرزوه في دارهم فقد ملكوه وزال عنه ملك المسلمين
(٢٦٢)