قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا الكاف في قوله وكذلك كاف التشبيه جاء لشبه به وفيه وجوه أحدها أنه معطوف على ما تقدم من قوله في حق إبراهيم ولقد اصطفيناه في الدنيا وكذلك جعلناكم أمة وسطا الثاني أنه معطوف على قوله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وكذلك هديناكم وجعلناكم أمة وسطا الثالث قيل معناه كما جعلنا قبلتكم وسطا بين المشرق والمغرب كذلك جعلناكم أمة وسطا يعني عدولا خيارا (قال عدلا) أي قال النبي في تفسير قوله تعالى وسطا عدلا وروى البخاري في صحيحه هذا الحديث مطولا وكذا الترمذي بعد هذا وفي آخر حديثهما والوسط العدل قال الحافظ في الفتح هو مرفوع من نفس الخبر وليس بمدرج من قول بعض الرواة كما وهم فيه بعضهم وسيأتي في الاعتصام بلفظ وكذلك جعلناكم أمة وسطا عدلا وأخرج الإسماعيلي من طريق حفص بن غياث عن الأعمش بهذا السند في قوله وسطا قال عدلا كذا أورده مختصرا مرفوعا وأخرجه الطبراني من هذا الوجه مختصرا مرفوعا ومن طريق وكيع عن الأعمش بلفظ والوسط العدل مختصرا مرفوعا ومن طريق أبي معاوية عن الأعمش مثله قال الطبري الوسط في كلام العرب الخيار يقولون فلان وسط في قومه وواسط إذا أرادوا الرفع في حسبه قال والذي أرى أن معنى الوسط في الآية الجزء الذي بين الطرفين والمعنى أنهم وسط لتوسطهم في الدين فلم يغلوا كغلو النصارى ولم يقصروا كتقصير اليهود ولكنهم أهل وسط واعتدال قال الحافظ لا يلزم من كون الوسط في الآية صالحا لمعنى التوسط أن لا يكون أريد به معناه الاخر كما نص عليه الحديث فلا مغايرة بين الحديث وبين ما دل عليه معنى الآية انتهى قوله (يدعى نوح) وفي رواية بحاء بنوح يوم القيامة (فيقال) أي لنوح (فيقول نعم) وهذا لا ينافي قوله تعالى يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب لأن الإجابة غير التبليغ وهي تحتاج إلى تفصيل لا يحيط بكنهه إلا علمه سبحانه بخلاف نفس التبلغ لأن من العلوم الضرورية البديهية (ما أتانا أي منذر لا هو ولا غيره
(٢٣٨)