مبالغة في الإنكار توهما أنه ينفعهم الكذب في ذلك اليوم عن الخلاص من النار ونظيره قول جماعة من الكفار (والله ربنا ما كنا مشركين (وما أتانا من أحد أي غير النذير للتبليغ (فيقال) أي لنوح (من شهودك) وإنما طلب الله من نوح شهداء على تبليغه الرسالة أمته وهو أعلم به إقامة الحجة وإناقة لمنزلة أكابر هذه الأمة (فيقول محمد وأمته) والمعنى أن أمته شهداء وهو مزك لهم وقدم في الذكر للتعظيم ولا يبعد أنه يشهد لنوح عليه الصلاة والسلام أيضا لأنه محل النصرة وقد قال تعالى وإذ أخذ الله ميثاق النبيين إلى قوله لتؤمنن به ولتنصرنه (فيؤتي بكم تشهدون) قال الحافظ وقد روى هذا الحديث أبو معاوية عن الأعمش بهذا الاسناد أتم من سياق غيره وأشمل ولفظه يجئ النبي يوم القيامة ومعه الرجل ويجئ النبي ومعه الرجلان ويجئ النبي ومعه أكثر من ذلك قال فيقال لهم أبلغكم هذا فيقولون لا فيقال للنبي أبلغتهم فيقول نعم فيقال لهم من يشهد لك الحديث أخرجه أحمد عنه والنسائي وابن ماجة (أنه قد بلغ) قال الحافظ زاد أبو معاوية فيقال وما علمكم فيقولون أخبرنا نبينا أن الرسل قد بلغوا فصدقناه ويؤخذ من حديث أبي بن كعب تعميم ذلك فأخرج ابن أبي حاتم بسند جيد عن أبي العالية عن أبي بن كعب في هذه الآية قال لتكونوا شهداء وكانوا شهداء على الناس يوم القيامة كانوا شهداء على قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وغيرهم أن رسلهم بلغتهم وأنهم كذبوا رسلهم قال أبو العالية وهي قراءة أبي لتكونوا شهداء على الناس يوم القيامة ومن حديث جابر عن النبي ما من رجل من الأمم إلا ود أنه منا أيتها الأمة ما من نبي كذبه قومه إلا ونحن شهداؤه يوم القيامة أن قد بلغ رسالة الله ونصح لهم (لتكونوا شهداء على الناس) أي على من قبلكم من الكفار أن رسلهم بلغتهم (ويكون الرسول ) أي رسولكم واللام للعوض أو اللام للعهد والمراد به محمد (عليكم شهيدا) أنه بلغكم (والوسط العدل) هو مرفوع من نفس الخبر وليس بمدرج من قول بعض الرواة كما تقدم قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم
(٢٣٩)