وقد أطال القرطبي في بيان ذلك في تفسيره وفي تذكرته وحاصله أن هذه الأحاديث نص في أن الأرض والسماوات تبدل وتزال ويخلق الله أرضا أخرى تكون عليها الناس بعد كونهم على الجسر وهو الصراط لا كما قال كثير من الناس إن تبديل الأرض عبارة عن تغيير صفاتها وتسوية آكامها ونسف جبالها ومد أرضها ثم قال وذكر شبيب بن إبراهيم في كتاب الإفصاح أنه لا تعارض بين هذه الآثار وأنهما تبدلان كرتين إحداهما هذه الأولى قبل نفخة الصعق والثانية إذا وقفوا في المحشر وهي أرض عفراء من فضة لم يسفك عليها دم حرام ولا جرى عليها ظلم ويقوم الناس على الصراط على متن جهنم ثم ذكر في موضع آخر من التذكرة ما يقتضي أن الخلائق وقت تبديل الأرض تكون في أيدي الملائكة رافعين لهم عنها قال في لجمل فتحصل من مجموعة كلامه أن تبديل هذه الأرض بأرض أخرى من فضة يكون قبل الصراط وتكون الخلائق إذ ذاك مرفوعة في أيدي الملائكة وأن تبديل الأرض بأرض من خبز يكون بعد الصراط وتكون الخلائق إذا ذاك على الصراط وهذه الأرض خاصة بالمؤمنين عند دخولهم الجنة انتهى ما في فتح البيان ( فأين يكون الناس قال على الصراط) وعند مسلم من حديث ثوبان مرفوعا يكونون في الظلمة دون الجسر وجمع بينهما البيهقي بأن المراد بالجسر الصراط وأن في قوله على الصراط مجازا لكونهم يجاوزونه لأن في حديث ثوبان زيادة يتعين المصير إليها لثبوتها وكأن ذلك عند الزجرة التي تقع عند نقلهم من أرض الدنيا إلى أرض الموقف ويشير إلى ذلك قوله تعالى كلا إذ دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجئ يومئذ بجهنم كذا في الفتح قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد ومسلم وابن ماجة سورة الحجر هي مكية بإجماعهم وهي تسع وتسعون آية قوله (حدثنا نوح بن قيس الحداني) بضم المهملة الأولى وتشديد الثانية آخره نون قبل ياء
(٤٣٦)