على عدم وجوب السعي ولا على وجوبه فأخبرته عائشة أن الآية ليست فيها دلالة للوجوب ولا لعدمه وبينت السبب في نزولها والحكمة في نظمها وأنها نزلت في الأنصار حين تحرجوا من السعي بين الصفا والمروة في الاسلام وأنها لو كانت كما يقول عروة لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما وقد يكون الفعل واجبا ويعتقد إنسان أنه يمنع إيقاعه على صفة مخصوصة وذلك كمن عليه صلاة الظهر وظن أنه لا يجوز فعلها عند غروب الشمس فسأل عن ذلك فيقال في جوابه لا جناح عليك إن صليتها في هذا الوقت فيكون جوابا صحيحا ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر انتهى (فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) بن المغيرة المخزومي المدني قيل اسمه محمد وقيل المغيرة وقيل أبو بكر اسمه وكنيته أبو عبد الرحمن وقيل اسمه كنيته ثقة فقيه عابد من الثالثة (فأعجبه ذلك) أي كلام عائشة (إن هذا لعلم) بفتح اللام التي هي التأكيد وبالتنوين على أنه الخبر أي إن هذا لعلم عظيم (إنما كان من لا يطوف) أي في الاسلام (وقال آخرون من الأنصار) الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة (وقال أبو بكر بن عبد الرحمن فأراها) بضم الهمزة أي أظنها (قد نزلت في هؤلاء وهؤلاء) وفي رواية البخاري في كتاب الحج قال أبو بكر فاسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الاسلام من أجل أن الله أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت قال الحافظ وحاصله أن سبب نزول الآية على هذا الأسلوب كان للرد على الفريقين الذين تحرجوا أن يطوفوا بينهما لكونه عندهم من أفعال الجاهلية والذين امتنعوا من الطواف بينهما لكونهما لم يذكرا انتهى قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان قوله (أخبرنا يزيد بن أبي حكيم) العدني أبو عبد الله صدوق من التاسعة
(٢٤٣)