حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما عدم وجوب السعي لأنه دل على رفع الجناح وهو الإثم عن فاعله وذلك يدل على إباحته ولو كان واجبا لما قيل فيه مثل ذلك (طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون) أي بالصفا والمروة وفي رواية للبخاري وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما (وإنما كان من أهل) أي حج من الأنصار قبل أن يسلموا (لمناة) بفتح الميم وتخفيف النون وبعد الألف تاء مثناة من فوق وهو اسم صنم كان في الجاهلية وقال ابن الكلبي كانت صخرة نصبها عمرو بن لحي بجهة البحر فكانوا يعبدونها وقيل هي صخرة لهذيل بقديد وسميت مناة لأن النسائك كانت تمنى بها أي تراق وقال الحازمي هي على سبعة أميال من المدينة وإليها نسبوا زيد مناة (الطاغية) صفه لمناة إسلامية وهي على زنة فاعلة من الطغيان ولو روى لمناة الطاغية بالإضافة ويكون الطاغية صفة للفرقة وهم الكفار لجاز (التي بالمسلل) بضم الميم وفتح الشين المعجمة وتشديد اللام الأولى المفتوحة اسم موضع قريب من قديد من جهة البحر ويقال هو الجبل الذي يهبط منه إلى قديد من ناحية البحر وقال البكري هي ثنية مشرفة على قديد وفي رواية لمسلم بالمشلل من قديد وفي رواية للبخاري في تفسير سورة البقرة كانوا يهلون لمناة فكانت مناة حذو قديد أي مقابلة وقديد بقاف مصغر قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه قاله أبو عبيد البكري وكان لمن لا يهل لمناة صنمان بالصفا إساف بكسر الهمزة وتخفيف السين المهملة وبالمروة نائلة وقيل إنهما كانا رجلا وامرأة فزنيا داخل الكعبة فمسخهما الله حجرين فنصبا عند الكعبة وقيل على الصفا والمروة ليعتبر الناس بهما ويتعظوا ثم حولهما قصي بن كلاب فجعل أحدهما ملاصق للكعبة ولاخر بزمزم ونحر عندهما وأمر بعبادتهما فلما فتح النبي مكة كسرهما (لا يطوفون بين الصفا والمروة) كراهية لذينك الصنمين وحبهم صنمهم الذي بالشلل وكان ذلك سنة في آبائهم من أحرم لمناة لم يطف بين الصفا والمروة (فلا جناح عليه) أي فلا إثم عليه (أن يطوف) بتشديد الطاء أصله يتطوف فأبدلت التاء طاء لقرب مخرجهما وأدغمت الطاء طاء (بهما) أي بأن يسعى بينهما سبعا (ولو كانت) أي هذه الآية (كما تقول) أي كما تأولها عليه من الإباحة (لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) بزيادة لا بعد أن فإنها كانت حينئذ تدل على رفع الإثم عن تاركه وذلك حقيقة المباح فلم يكن في الآية نص على الوجوب ولا عدمه قال النووي قال العلماء هذا من دقيق علمها وفهمها الثاقب وكبير معرفتها بدقائق الألفاظ لأن الآية الكريمة إنما دل لفظها على رفع الجناح عمن يطوف بهما وليس فيه دلالة
(٢٤٢)