قوله (ستة أو سبعة عشر شهرا) كذا وقع في هذه الرواية بالشك وترفع في بعض الروايات ستة عشر بغير شك ووقع في بعضها سبعة عشر بغير شك قال الحافظ والجمع بين الروايتين سهل بأن يكون من جزم بستة عشر نفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا وألغى الزائد ومن جزم بسبعة عشر عدهما معا ومن شك تردد في ذلك وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف وكان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح وبه جزم الجمهور (وكان رسول الله يحب أن يوجه إلى الكعبة) جاء بيان ذلك فيما أخرجه الطبري وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال لما هاجر النبي إلى المدينة واليهود أكثر أهلها يستقبلون بيت المقدس أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا وكان رسول الله يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم فكان يدعو ويظهر إلى السماء فنزلت ومن طريق مجاهد قال إنما كان يحب أن يتحول إلى الكعبة لأن اليهود قالوا يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا فنزلت وظاهر حديث ابن عباس هذا أن استقبال بيت المقدس إنما وقع بعد الهجرة إلى المدينة لكن أخرج أحمد من وجه آخر عن ابن عباس كان النبي يصلي بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه والجمع بينهما ممكن بأن يكون أمر لما هاجر أن يستمر على الصلاة ببيت المقدس وأخرج الطبراني من طريق ابن جريج قال صلى النبي أول ما صلى إلى الكعبة ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة فصلى ثلاث حجج ثم هاجر فصلى إليه بعد قدومه إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم وجهه الله إلى الكعبة فقوله في حديث ابن عبس الأول أمره الله يرد قول من قال إنه صلى إلى بيت المقدس باجتهاد وقد أخرجه الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف وعن أبي العالية أنه صلى إلى بيت المقدس يتألف أهل الكتاب وهذا لا ينفي أن يكون يتوقيف وحديث البراء هذا قد تقدم بإسناده ومتنه في باب ابتداء القبلة من أبواب الصلاة (وقد رواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق) كما في رواية الشيخين
(٢٤٠)