قال النووي في شرح مسلم ذكر مسلم الاختلاف أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم أو وهو حلال فاختلف العلماء بسبب ذلك في نكاح المحرم فقال مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم لا يصح نكاح المحرم واعتمدوا أحاديث الباب وقال أبو حنيفة والكوفيون يصح نكاحه لحديث قصة ميمونة وأجاب الجمهور عن حديث ميمونة بأجوبة أصحها أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تزوجها حلا هكذا رواه أكثر الصحابة قال القاضي وغيره ولم يروا أنه تزوجها محرما إلا ابن عباس وحده وروت ميمونة وأبو رافع وغيرهما أنه تزوجها حلا وهم أعرف بالقضية لتعلقهم به بخلاف ابن عباس ولأنهم أضبط من ابن عباس وأكثر الجواب الثاني تأويل حديث ابن عباس على أنه تزوجها في الحرم وهو حلال ويقال لمن هو في الحرم محرم وإن كان حلا وهي لغة شائعة معروفة ومنه البيت المشهور قتلوا ابن عفان الخليفة محرما أي في حرم المدينة والثالث أنه تعارض القول والفعل والصحيح حينئذ عند الأصوليين ترجيح القول لأنه يتعدى إلى الغير والفعل قد يكون مقصورا عليه والرابع جواب جماعة من أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يتزوج في حال الاحرام وهو مما خص به دون الأمة وهذا أصح الوجهين عند أصحابنا والوجه الثاني أنه حرام في حقه كغيره وليس من الخصائص انتهى كلام النووي قوله (ثم بنى بها) أي دخل بها قال في النهاية الابتناء والبناء الدخول بالزوجة والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها فيقال بنى الرجل على أهله (بسرف) بفتح المهملة وكسر الراء موضع معروف من مكة بعشر أميال وقيل أقل وقيل أكثر (وماتت ميمونة بسرف) سنة إحدى وخمسين على الصحيح قاله الحافظ قوله (عن يزيد بن الأصم) كوفي نزل الرقة وهو ابن أخت ميمونة أم المؤمنين ثقة من الثالثة (ودفناها في الظلة) بضم الظاء وتشديد اللام كل ما أظل من الشمس (التي بنى بها) أي دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بميمونة (فيها) أي في تلك الظلة
(٤٩٤)