قوله (وقد كره قوم من أهل العلم صيام الدهر وقالوا إنما يكون صيام الدهر إذا لم يفطر يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق الخ) قال النووي في شرح مسلم واختلف العلماء فيه فذهب أهل الظاهر إلى منع صيام الدهر لظواهر هذه الأحاديث قال القاضي وغيره وذهب جماهير العلماء إلى جوازه إذا لم يصم الأيام المنهى عنها وهي العيدان والتشريق ومذهب الشافعي وأصحابه أن سرد الصيام إذا أفطر العيد والتشريق لا كراهة فيه بل هو مستحب بشرط أن لا يلحقه به ضرر ولا يفوت حقا فإن تضرر أو فوت حقا فمكروه واستدلوا بحديث حمزة بن عمرو وقد رواه البخاري ومسلم أنه قال يا رسول الله إني أسرد الصوم أفأصوم في السفر فقال إن شئت فصم وهذا لفظ رواية مسلم فأقره صلى الله عليه وسلم على سرد الصيام ولو كان مكروها لم يقره لا سيما في السفر وقد ثبت عن ابن عمر بن الخطاب أنه كان يسرد الصيام وكذلك أبو طلحة وعائشة وخلائق من السلف وأجابوا عن حديث لا صام من صام الأبد بالأجوبة أحدها أنه محمول على حقيقته بأن يصوم معه العيدين والتشريق وبهذا أجابت عائشة رضي الله عنها والثاني أنه محمول على من تضرر به أو فوت به حقا ويؤيده أن النهي كان خطابا لعبد الله بن عمرو بن العاص وقد ذكر مسلم عنه أنه عجز في آخر عمره وندم على كونه لم يقبل الرخصة قالوا فنهى ابن عمرو لعلمه بأنه سيعجز وأقر حمزة بن عمر ولعلمه بقدرته بلا ضرر والثالث أن معنى لا صام أنه لا يجد من مشقته ما يجدها غيره فيكون خبرا لا دعاءا انتهى كلام النووي قلت في الاستدلال بأحاديث جواز سرد الصوم على جواز صيام الدهر عندي نظر
(٣٩٧)