فتح الباري واستدل الحنفية بحديث أبي مسعود يعني الذي ذكره الترمذي في هذا الباب وليس فيه حجة لأنه يحتمل أن يريد كان لا يتعمد فطره إذا وقع في الأيام التي كان يصومها ولا يضاد ذلك كراهة إفراده بالصوم جمعا بين الحديثين انتهى كلام الحافظ وقال العيني رحمه الله فإن قلت يعارض هذه الأحاديث (يعني الأحاديث التي تدل على كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم) ما رواه الترمذي من حديث عبد الله (يعني الحديث الذي ذكره الترمذي في هذا الباب) قلت لا نسلم هذه المعارضة لأنه لا دلالة فيه على أنه صلى الله عليه وسلم صام يوم الجمعة وحده فنهيه صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث يدل على أن صومه يوم الجمعة لم يكن في يوم الجمعة وحده بل إنما كان بيوم قبله أو بيوم بعده وذلك لأنه لا يجوز أن يحمل فعله على مخالفة أمره إلا بنص صحيح صريح فحينئذ يكون نسخا أو تخصيصا وكل واحد منهما منتف انتهى كلام العيني ملخصا قلت حاصل كلام العيني هذا هو ما قال الحافظ فالعجب كل العجب من العيني أنه نقل قول الحافظ ثم اعترض عليه وقال والعجب من هذا القائل يترك ما يدل عليه ظاهر الحديث ويدفع حجيته بالاحتمال الناشئ من غير دليل الذي لا يعتبر ولا يعمل به وهذا كله عسف ومكابرة انتهى فاعتراض العيني هذا إن كان صحيحا فهو واقع على نفسه فإن حاصل كلامهما واحد فتفكر قوله (وفي الباب عن ابن عمرو وأبي هريرة) أما حديث ابن عمر فأخرجه ابن أبي شيبة عنه قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مفطر يوم جمعة قط كذا في عمدة القاري وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الحافظ ابن عبد البر بسنده إلى أبي هريرة أنه قال من صام الجمعة كتب له عشرة أيام من أيام الآخرة لا يشاكلهن أيام الدنيا كذا في النيل وفي الباب عن ابن عباس أخرجه ابن أبي شيبة نحو رواية ابن عمر المذكور قوله (حديث عبد الله حسن) وأخرجه النسائي وصححه ابن حبان وابن عبد البر وابن حزم كذا في عمدة القاري
(٣٧٠)