من أجمع الصيام من الليل فليصم ومن أصبح ولم يجمعه فلا يصم وفي إسناده الوافدي انتهى كلام الشوكاني قوله (وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق) واستدلوا بحديث الباب وبحديث عائشة المذكور وتقرير الاستدلال بأن قوله صلى الله عليه وسلم لا صيام في حديث الباب نكرة في سياق النفي فيعم كل صيام ولا يخرج عنه إلا ما قام الدليل على أنه لا يشترط فيه إجماع قبل الفجر وهو حديث حفصة المذكور في الباب والظاهر أن النفي متوجه إلى الصحة لأنها أقرب المجازين إلى الذات أو متوجه إلى نفي الذات الشرعية وقد عرفت ما ذهب إليه ابن عمر وجابر بن زيد رضي الله تعالى عنهما ومالك وغيرهم ولعل حديث عائشة المذكور لم يبلغهم وفي اللمعات والمذهب عندنا يعني الحنفية أنه يجوز صوم رمضان والنفل والنذر المعين بنية من نصف النهار الشرعي وشرط للقضاء والكفارة والنذر المطلق أن يبيت النية لأنها غير متعينة فلا بد من التعيين في الابتداء والدليل لنا في الفرض ما روي في السنن الأربعة عن ابن عباس قوله صلى الله عليه وسلم بعد ما شهد عنده الأعرابي برؤية الهلال ألا من أكل فلا يأكل بقية يومه ومن لم يأكل فليصم وأما حديث حفصة مع أنه قد اختلف في رفعه فمحمول على نفي الكمال انتهى ما في اللمعات قلت أجيب عن رواية ابن عباس بأنه إنما صحت النية في النهار في صورة شهادة الأعرابي برؤية الهلال لأن الرجوع إلى الليل غير مقدور والنزاع فيما كان مقدورا فيخص الجواز بمثل هذه الصورة أعني من انكشف له في النهار أن ذلك اليوم من رمضان وكمن ظهر له وجوب الصيام عليه من النهار كالمجنون يفيق والصبي يحتلم والكافر يسلم وأما الاختلاف في رفع حديث حفصة فأجيب عنه بأن الرفع زيادة والزيادة من الثقة مقبولة وأما حمله على نفي الكمال فغير ظاهر والظاهر أن النفي متوجه إلى الصحة أو إلى نفي الذات الشرعية هذا ما عندي والله تعالى أعلم
(٣٥٤)