المبادرة للامتثال بتذكيرهم بما خوطبوا به وتذكيرهم بأن هذه الإضافة العملية يقابلها إضافة فضلية هي أعلى منها وأتم وهي الجنة المضافة إلى وصف الربوبية المشعر بمزيد تربيتهم وتربية نعيمهم بما فارقوا به سائر الأمم (وصوموا شهركم) المختص بكم وهو رمضان وأبهمه الدلالة على أنه صار من الظهور عندهم إلى حد لا يقبل الشك والتردد (وأدوا زكاة أموالكم) في الخلعيات وأدوا زكاتكم طيبة بها أنفسكم وحجوا بيت ربكم كذا في قوت المغتذي والمراد بأموالكم أي التي هي ملك لكم (وأطيعوا ذا أمركم) قال القاري أي الخليفة والسلطان وغيرهما من الأمراء أو المراد العلماء أو أعم أي كل من تولى أمرا من أموركم سواء كان السلطان ولو جائرا ومتغلبا وغيره ومن أمرائه وسائر نوابه ألا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولم يقل أميركم إذ هو خاص عرفا ببعض من ذكر ولأنه أوفق لقوله تعالى وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم انتهى كلام القاري قلت المراد بقوله (ذا أمركم) هو الذي أريد بقوله أولي الأمر في هذه الآية قال البخاري في صحيحه باب قوله أولي الأمر منكم ذوي الأمر قال الحافظ وهو تفسير أبي عبيدة قال ذلك في هذه الآية وزاد والدليل على ذلك أن واحدها ذو أي واحد أولى لأنها لا واحد لها من لفظها قال واختلف في المراد بأولى الأمر في هذه الآية فعن أبي هريرة هم الأمراء أخرجه الطبراني بإسناد صحيح وأخرج عن ميمون بن مهران وغيره نحوه وعن جابر بن عبد الله قال هم أهل العلم والخير وعن مجاهد وعطاء وأبي الحسن وأبي العالية هم العلماء ومن وجه آخر أصح منه عن مجاهد قال هم الصحابة وهذا أخص وعن عكرمة أبو بكر وعمر وهذا أخص من الذي قبله ورجح الشافعي الأول واحتج له بأن قريشا كانوا لا يعرفون الإمارة ولا ينقادون إلى أمير فأمروا بالطاعة لمن ولي الأمر ولذلك قال صلى الله عليه وسلم من أطاع أميري فقد أطاعني متفق عليه واختار الطبري حملها على العموم وإن نزلت في سبب خاص قاله الحافظ في الفتح قلت والراجح أن المراد بقوله (ذا أمركم) في الحديث وبقوله أولي الأمر في الآية هم الأمراء ويؤيده شأن نزولها فروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية انتهى وعقد البخاري رحمه الله في ابتداء كتاب الأحكام من صحيحه بابا بلفظ باب قول الله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وأورد فيه حديثين الأول حديث أبي هريرة الذي فيه ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد
(١٩٣)