وكتب الحسنات تم ما جعل مع ذلك من فضل عتق الرقاب قد يزيد على فضل التسبيح وتكفيره جميع الخطايا لأنه قد جاء من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار فحصل بهذا العتق تكفير جميع الخطايا عموما بعد حصر ما عدد منها خصوصا مع زيادة مائة درجة وما زاده عتق الرقاب الزيادة على الواحدة ويؤيده الحديث الاخر أفضل الذكر التهليل وانه أفضل ما قاله والنبيون من قبله وهو كلمة التوحيد والاخلاص وقيل إنه اسم الله الأعظم وقد مضى شرح التسبيح وأنه التنزيه عما لا يليق بالله تعالى وجميع ذلك داخل في ضمن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير انتهى ملخصا (قلت) وحديث أفضل الذكر لا إله إلا الله أخرجه الترمذي والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث جابر ويعارضه في الظاهر حديث أبي ذر قلت يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله قال إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده أخرجه مسلم وفي رواية سئل أي الكلام أفضل قال ما اصطفاه الله لملائكته سبحان الله وبحمده وقال الطيبي في الكلام على حديث أبي ذر فيه تلميح بقوله تعالى حكاية عن الملائكة ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ويمكن أن يكون قوله سبحان الله وبحمده مختصرا من الكلمات الأربع وهي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لان سبحان الله تنزيه له عما لا يليق بجلاله وتقديس لصفاته من النقائص فيندرج فيه معنى لا إله إلا الله وقوله وبحمده صريح في معنى والحمد لله لان الإضافة فيه بمعنى اللام في الحمد ويستلزم ذلك معنى الله أكبر لأنه إذا كان كل الفضل والافضال لله ومن الله وليس من غيره شئ من ذلك فلا يكون أحد أكبر منه ومع ذلك كله فلا يلزم أن يكون التسبيح أفضل من التهليل لان التهليل صريح في التوحيد والتسبيح متضمن له ولان نفي الألهة في قول لا اله نفي لمضمنها من فعل الخلق والرزق والإثابة والعقوبة وقول الا الله اثبات لذلك ويلزم منه نفي ما يضاده ويخالفه من النقائص فمنطوق سبحان الله تنزيه ومفهومه توحيد ومنطوق لا إله إلا الله توحيد ومفهومه تنزيه يعني فيكون لا إله إلا الله أفضل لان التوحيد أصل والتنزيه ينشأ عنه والله أعلم وقد جمع القرطبي بما حاصله أن هذه الاذكار إذا أطلق على بعضها أنه أفضل الكلام أو أحبه إلى الله فالمراد إذا انضمت إلى أخواتها بدليل حديث سمرة عند مسلم أحب الكلام إلى الله أربع لا يضرك بأيهن بدأت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويحتمل أن يكتفي في ذلك بالمعنى فيكون من اقتصر على بعضها كفى لان حاصلها التعظيم والتنزيه ومن نزهه فقد عظمه ومن عظمه فقد نزهه انتهى وقال النوي هذا الاطلاق في الأفضلية محمول على كلام الادمي والا فالقرآن أفضل الذكر وقال البيضاوي الظاهر أن المراد من الكلام كلام البشر فان الثلاث الأول وان وجدت في القرآن لكن الرابعة لم توجد فيه ولا يفضل ما ليس فيه على ما هو فيه (قلت) ويحتمل ان يجمع بأن تكون من مضمرة في قوله أفضل الذكر لا إله إلا الله وفي قوله أحب الكلام بناء على أن لفظ أفضل وأحب متساويان في المعنى لكن يظهر مع ذلك تفضيل لا إله إلا الله لأنها ذكرت بالتنصيص عليها بالأفضلية الصريحة وذكرت مع أخواتها بالأحبية فحصل لها التفضيل تنصيصا وانضماما والله أعلم واخرج الطبري من رواية عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال إن الرجل إذا قال لا إله إلا الله فهي كلمة الاخلاص التي لا يقبل الله عملا حتى يقولها وإذا
(١٧٤)