إشارة إلى أن العلم والقدرة لله وحده وليس للعبد من ذلك الا ما قدر الله له وكأنه قال أنت يا رب تقدر قبل أن تخلق في القدرة وعندما تخلقها في وبعد ما تخلقها (قوله اللهم ان كنت تعلم أن هذا الامر) في رواية معن وغيره فإن كنت تعلم هذا الامر زاد أبو داود في رواية عبد الرحمن بن مقاتل عن عبد الرحمن بن أبي الموال الذي يريد وزاد في رواية معن ثم يسميه بعينه وقد ذكر ذلك في آخر الحديث في الباب وظاهر سياقه ان ينطق به ويحتمل أن يكتفي باستحضاره بقلبه عند الدعاء وعلى الأول تكون التسمية بعد الدعاء وعلى الثاني تكون الجملة حالية والتقدير فليدع مسميا حاجته وقوله إن كنت استشكل الكرماني الاتيان بصيغة الشك هنا ولا يجوز الشك في كون الله عالما وأجاب بأن الشك في أن العلم متعلق بالخير أو الشر لافي أصل العلم (قوله ومعاشي) زاد أبو داود ومعادي وهو يؤيد أن المراد بالمعاش الحياة ويحتمل أن يريد بالمعاش ما يعاش فيه ولذلك وقع في حديث ابن مسعود في بعض طرقه عند الطبراني في الأوسط في ديني ودنياي وفي حديث أبي أيوب عند الطبراني في دنياي وآخرتي زاد ابن حبان في روايته وديني وفي حديث أبي سعيد في ديني ومعيشتي (قوله وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله) هو شك من الراوي ولم تختلف الطرق في ذلك واقتصر في حديث أبي سعيد على عاقبة أمري وكذا في حديث ابن مسعود وهو يؤيد أحد الاحتمالين في أن العاجل والآجل مذكوران بدل الألفاظ الثلاثة أو بدل الأخيرين فقط وعلى هذا فقول الكرماني لا يكون الداعي جازما بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان دعا ثلاث مرات يقول مرة في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ومرة في عاجل أمري وآجله ومرة في ديني وعاجل أمري وآجله (قلت) ولم يقع ذلك أي الشك في حديث أبي أيوب ولا أبي هريرة أصلا (قوله فاقدره لي) قال أبو الحسن القابسي أهل بلدنا يكسرون الدال وأهل الشرق يضمونها وقال الكرماني معنى قوله اجعله مقدورا لي أو قدره وقيل معناه يسره لي زاد معن ويسره لي وبارك لي فيه (قوله فاصرفه عني واصرفني عنه) أي حتى لا يبقى قلبه بعد صرف الامر عنه متعلقا به وفيه دليل لأهل السنة ان الشر من تقدير الله على العبد لأنه لو كان يقدر على اختراعه لقدر على صرفه ولم يحتج إلى طلب صرفه عنه (قوله واقدر لي الخير حيث كان) في حديث أبي سعيد بعد قوله واقدر لي الخير أينما كان لا حول ولا قوة الا بالله (قوله ثم رضني) بالتشديد وفي رواية قتيبة ثم ارضني به أي اجعلني به راضيا وفي بعض طرق حديث ابن مسعود عند الطبراني في الأوسط ورضني بقضائك وفي حديث أبي أيوب ورضني بقدرك والسر فيه أن لا يبقى قلبه متعلقا به فلا يطمئن خاطره والرضا سكون النفس إلى القضاء وفي الحديث شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وتعليمهم جميع ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ووقع في بعض طرقه عند الطبراني في حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء إذا أراد أن يصنع أمرا وفيه ان العبد لا يكون قادرا الا مع الفعل لا قبله والله هو خالق العلم بالشئ للعبد وهمه به واقتداره عليه فإنه يجب على العبد رد الأمور كلها إلى الله والتبري من الحول والقوة إليه وأن يسأل ربه في أموره كلها واستدل به على أن الامر بالشئ ليس نهيا عن ضده لأنه لو كان كذلك لاكتفى بقوله ان كنت تعلم أنه خير لي عن قوله وان كنت تعلم أنه شر لي الخ لأنه إذا لم يكن خيرا فهو شر وفيه نظر لاحتمال وجود الواسطة واختلف فيما ذا يفعل المستخير بعد الاستخارة فقال ابن عبد السلام
(١٥٨)