ليلة الهرير بوزن عظيم سميت بذلك لكثرة ما كان الفرسان يهرون فيها وقتل بين الفريقين تلك الليلة عدة آلاف وأصبحوا وقد أشرف علي وأصحابه على النصر فرفع معاوية وأصحابه المصاحف فكان ما كان من الاتفاق على التحكيم وانصراف كل منهم إلى بلاده واستفدنا من هذه الزيادة ان تحديث على بذلك كان بعد وقعة صفين بمدة وكانت صفين سنة سبع وثلاثين وخرج الخوارج على علي عقب التحكيم في أول سنة ثمان وثلاثين وقتلهم بالنهروان وكل ذلك مشهور مبسوط في تاريخ الطبري وغيره (فائدة) زاد أبو هريرة في هذه القصة مع الذكر المأثور دعاء آخر ولفظه عند الطبري في تهذيبه من طريق الأعمش عن أبي صالح عنه جاءت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال ألا أدلك على ما هو خير من خادم تسبحين فذكره وزاد وتقولين اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شئ منزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان أعوذ بك من شر كل ذي شر ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها أنت الأول فليس قبلك شئ وأنت الاخر فليس بعدك شئ وأنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ اقض عني الدين واغنني من الفقر وقد أخرجه مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه لكن فرقه حديثين وأخرجه الترمذي من طريق الأعمش لكن اقتصر على الذكر الثاني ولم يذكر التسبيح وما معه (قوله وعن شعبة عن خالد) هو الحذاء (عن ابن سيرين) هو محمد (قال التسبيح أربع وثلاثون) هذا موقوف علي ابن سيرين وهو موصول بسند حديث الباب وظن بعضهم أنه من رواية ابن سيرين بسنده إلى علي وأنه ليس من كلامه وذلك أن الترمذي والنسائي وابن حبان أخرجوا الحديث المذكور من طريق ابن عون عن ابن سيرين عن عبيدة بن عمرو عن علي لكن الذي ظهر لي أنه من قول ابن سيرين موقوف عليه إذ لم يتعرض المصنف لطريق ابن سيرين عن عبيدة وأيضا فإنه ليس في روايته عن عبيدة تعيين عدد التسبيح وقد أخرجه القاضي يوسف في كتاب الذكر عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه بسنده هذا إلى ابن سيرين من قوله فثبت ما قلته ولله الحمد ووقع في مرسل عروة عند جعفر أن التحميد أربع واتفاق الرواة على أن الأربع للتكبير أرجح قال ابن بطال هذا نوع من الذكر عند النوم ويمكن أن يكون صلى الله عليه وسلم كان يقول جميع ذلك عند النوم وأشار لامته بالاكتفاء ببعضها اعلاما منه أن معناه الحض والندب لا الوجوب وقال عياض جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أذكار عند النوم مختلفة بحسب الأحوال والاشخاص والأوقات وفي كل فضل قال ابن بطال وفي هذا الحديث حجة لمن فضل الفقر على الغنا لقوله ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم فعلمهما الذكر فلو كان الغنا أفضل من الفقر لأعطاهما الخادم وعلمهما الذكر فلما منعهما الخادم وقصرهما على الذكر علم أنه انما اختار لهما الأفضل عند الله (قلت) وهذا انما يتم أن لو كان عنده صلى الله عليه وسلم من الخدام فضلة وقد صرح في الخبر أنه كان محتاجا إلى بيع ذلك الرقيق لنفقته على أهل الصفة ومن ثم قال عياض لا وجه لمن استدل به على أن الفقير أفضل من الغني وقد اختلف في معنى الخيرية في الخبر فقال عياض ظاهره أنه أراد أن يعلمهما أن عمل الآخرة أفضل من أمور الدنيا على كل حال وانما اقتصر على ذلك لما لم يمكنه إعطاء الخادم ثم علمهما إذ فاتهما ما طلباه ذكرا يحصل لهما أجرا أفضل مما سألاه وقال القرطبي انما أحالهما على الذكر
(١٠٥)