من الاحكام فمحال وجودها، وهي لا تدل، لان الدليل لا يصح ان يخرج عن حقيقته، فيكون تارة دليلا، وتارة ليس بدليل، وإذا كنتم تزعمون أن العلامة هي صفة من صفات المحكوم عليه بالحكم الذي ورد به النص فقد جرت مجرى العلة في استحالة وجودها مع عدم مدلولها، كما يستحيل وجود العلة مع عدم معلولها، وليس بين الامرين فصل.
فخلط هذا الرجل تخليطا بينا، ثم ثاب إليه فكره، فقال: هذه السمات عندنا سمعية طارئة على الحوادث، ولسنا نعلمها عقلا ولا اضطرارا، وإنما نعلمها سمعا وبدليل السمع، وعندنا مع ذلك أن العلل السمعية والأدلة السمعية قد تخرج أحيانا عن مدلولها ومعلولها، وهي كالاخبار العامة التي تدل على استيعاب الجنس بإطلاقها، ثم تكون خاصة عند قراينها، وهذا فرق بين الأمور العقلية والسمعية.
قال الشيخ - أيده الله -: فقلت له: إن كانت هذه السمات سمعية طارئة على الحوادث، وليست من صفاتها اللازمة لها، وإنما هي معان متجددة فيجب أن يكون الطريق إليها السمع خاصة دون العقل والاستنباط، لأنها حينئذ تجري مجرى الأسماء التي هي الألقاب، فلا يصل عاقل إلى حقايقها إلا بالسمع الوارد بها، ولو كان ورد بها سمع البطل القياس، لأنه كان حينئذ يكون نصا على الحمل، كقول القائل: اقطعوا زيدا فقد سرق من حرز، وإنما استحق القطع، لأنه سرق من حرز لا لغير ذلك من شئ يضاد هذا الفعل أو يقاربه، وهذا نص على قطع كل سارق من حرز إذا كان التقييد فيه على ما بيناه فإن كنتم تذهبون في القياس إلى ما ذكرناه، فالخلاف بيننا وبينكم في الاسم دون المعنى، والمطالبة لكم بعده بالنصوص الواردة في سائر ما استعملتم فيه القياس، فإن ثبت لكم زال المراء بيننا وبينكم، وإن لم يثبت علمتم أنكم إنما تدفعون عن مذاهبكم بغير أصل معتمد، ولا برهان يلجأ إليه. فقال: لسنا نقول: إن