ليت شعري مالنا عند الله يا أبا حازم؟ فقال: اعرض نفسك على كتاب الله، فإنك تعلم مالك عند الله. قال سليمان: يا أبا حازم، وأين أصيب تلك المعرفة في كتاب الله؟ قال عند قوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم) قال سليمان: يا أبا حازم، فأين رحمة الله؟ قال: (رحمة الله قريب من المحسنين). قال سليمان: يا أبا حازم من أعقل الناس؟ قال أبو حازم: أعقل الناس من تعلم العلم والحكمة وعلمهما الناس. قال سليمان: فمن أحمق الناس؟ فقال: من حط في هوى رجل وهو ظالم، فباع آخرته بدنيا غيره. قال سليمان: فما أسمع الدعاء؟ قال أبو حازم: دعاء المخبتين الخائفين. فقال سليمان: فما أزكى الصدقة عند الله؟ قال: جهد المقل. قال: فما تقول فيما ابتلينا به؟ قال: أعفنا عن هذا وعن الكلام فيه أصلحك الله، قال سليمان: نصيحة تلقيها. فقال: ما أقول في سلطان استولى عنوة بلا مشورة من المؤمنين، ولا اجتماع من المسلمين، فسفكت فيه الدماء الحرام، وقطعت به الأرحام، وعطلت به الحدود، ونكثت به العهود، وكل ذلك على تنفيذ الطينة، والجمع لمتاع الدنيا المشينة، ثم لم يلبثوا أن ارتحلوا عنها، فياليت شعري ما تقولون؟ وماذا يقال لكم؟
فقال بعض جلسائه: بئس ما قلت يا أقور، أمير المؤمنين يستقبل بهذا؟
فقال أبو حازم: اسكت يا كاذب، فإنما أهلك فرعون هامان، وهامان فرعون، إن الله قد أخذ على العلماء للناس ولا يكتمونه أي ينبذونه وراء ظهورهم، قال:
سليمان: يا أبا حازم كيف لنا أن نصلح ما فسد منا؟ فقال: المأخذ في ذلك قريب يسيريا أمير المؤمنين، فاستوى سليمان جالسا من اتكائه، فقال: كيف ذلك؟ قال: تأخذ المال من حله، وتضعه في أهله، وتكف الأكف عما نهيت، وتمضيها فيما أمرت به. قال سليمان: ومن يطيق ذلك؟ فقال أبو حازم: من هرب من النار إلى الجنة، ونبذ سوء العادة إلى خير العبادة. فقال سليمان: