على بستان فيه صنوف الأوراد، فقال له: يا يعقوب، كيف ترى مجلسنا هذا؟
قال: على غاية الحسن فمتع الله أمير المؤمنين به، فقال له: جميع ما فيه لك، وهذه الجارية لك ليتم سرورك، وقد أمرت لك بمائة ألف درهم، فدعا له.
فقال له المهدي: ولي إليك حاجة، فقام يعقوب قائما، وقال: يا أمير المؤمنين، ما هذا القول إلا لموجدة وأنا أستعيذ بالله من سخطك، فقال:
أحب أن تضمن لي قضاءها، فقال: السمع والطاعة، فقال له: والله؟ فقال له:
والله، فقال له: والله؟ فقال: والله، ثلاثا، فقال له: ضع يدك على رأسي واحلف به، ففعل ذلك، فلما استوثق منه قال له: هذا فلان بن فلان، رجل من العلوية، أحب أن تكفيني مؤونته، وتريحني منه، فخذه إليك، فحوله إليه، وحول إليه الجارية وما كان في المجلس والمال، فلشدة سروره بالجارية جعلها في مجلس بقرب منه ليصل إليها، ووجه فأحضر العلوي فوجده لبيبا فهما.
فقال له: ويحك يا يعقوب تلقى الله بدمي، وأنا رجل من ولد فاطمة - رضي الله عنها - بنت محمد صلى الله عليه وآله؟ فقال له يعقوب: يا هذا أفيك خير؟ فقال: إن خلت معي خيرا شكرت ودعوت لك، فقال له: خذ هذا المال، وخذ أي طريق شئت، فقال: طريق كذا وكذا آمن لي، فقال له: امض مصاحبا.
وسمعت الجارية الكلام كله، فوجهت مع بعض خدمها به، وقالت: قل له: هذا فعل الذي آثرته على نفسك بي، وهذا جزاؤك منه.
فوجه المهدي فشحن الطريق حتى ظفر بالعلوي وبالمال، ثم وجه إلى يعقوب، فأحضره، فلما رآه قال: ما حال الرجل؟ قال: قد أراحك الله منه، قال: مات؟ قال: نعم، قال: والله؟ قال: والله. قال: فضع يدك على رأسي، فوضع يده على رأسه وحلف به، فقال: يا غلام أخرج إلينا من في هذا البيت، ففتح بابه عن العلوي والمال بعينه.