حقيقة، كيف رأيت الله كشف أمرك وأعلن فسقك وأظهر ما كنت تخفي من سقم سريرتك وخبث نيتك، فأوردك حوض منيتك وذلك بما قدمت يداك، وما الله بظلام للعبيد.
قال: جعفر: لا والذي لم يزل بعباده خبيرا، وبعث محمدا - عليه وعلى آله السلام - بالحق بشيرا، طهر أهله من دنس لريب تطهيرا، ووقفني بين يديك أسيرا، وجعلك علينا سلطانا أميرا، ما خنت الاسلام نقيرا، ولا أضللت الهدى منذ كنت بصيرا، فلا تقدم علي بالشبهة تقديرا، بسعي ساع سوف يجزى بسعيه سعيرا.
فقال المهدي: ما يغني عنك وسواسك، فما تهذي من أم رأسك، قد تناهت إلي أخبارك، وأداها من كان يقفو آثارك ويعرف أسرارك ومن بايعك من أعوانك الذين وازروك على ضلالك، فأقلل، لا أم لك تشجعك، فقد حل قضاؤك، وحان حصادك.
فقال جعفر: إن تقتلني تقتل مني علما فلا تجعل لي على ظهرك وزرا فأصير لك يوم القيامة خصما، وأنت تعلم أنك لا تجئ بقتلي عدلا ولا تنال به فضلا، فاتق الذي خلقك وأمر عباده ملكك وبالعدل فيهم أمرك، ولا تحكم علي بحكم عن الهدى مائل، فإنك للدنيا مفارق وعنها راحل، وكل ما أنت فيه فمضمحل زائل.
قال له المهدي: تطالبني وأنت المطلوب، وبباطلك تغلب حقي وأنت المغلوب، الان ظهر فسادك، وبلغ غرسك ودبت عقاربك، اللهم إلا أن تقر بذنبك وتعترف بجرمك وتتوب إلى ربك وتحقن بالإنابة دمك، فإن فعلت ذلك أمهلنا أمرك وأطلنا حبسك وإلا فاحتسب نفسك ولا تلم إلا جهلك.
قال جعفر: مالي ذنب فأستغفر ولا جرم فأعترف ولا لي بك قوة فأنتصر، وأنت على ظلمي مقتدر، فإن كنت تعلم أن ما بعد الموت مصدر ولا للعباد بعد