ليس ما قدر سعد كائنا * ما جرى البحر وما دام حضن ليس بالقاطع منا شعرة * كيف يرجى خير أمر لم يحن ليس بالمدرك منها أبدا * غير أضغاث أماني الوسن قال الزبير: لما اجتمع جمهور الناس لأبي بكر أكرمت قريس معن بن عدي وعويم بن ساعدة، وكان لهما فضل قديم في الاسلام، فاجتمعت الأنصار لهما في مجلس ودعوهما، فلما احضرا أقبلت الأنصار عليهما فعيروهما بانطلاقهما إلى المهاجرين، وأكبروا فعلهما في ذلك، فتكلم معن فقال:
يا معشر الأنصار، إن الذي أراد الله بكم خير مما أردتم بأنفسكم، وقد كان منكم أمر عظيم البلاء، وصغرته العاقبة، فلو كان لكم على قريش ما لقريش عليكم، ثم أردتموهم لما أرادوكم به لم آمن عليهم منكم مثل ما آمن عليكم منهم، فإن تعرفوا الخطأ فقد خرجتم منه وإلا فأنتم فيه.
قال الزبير: ثم تكلم عويم بن ساعدة فقال:
يا معشر الأنصار، إن من نعم الله عليكم أنه تعالى لم يرد بكم ما أردتم بأنفسكم، فاحمدوا الله على حسن البلاء، وطول العافية، وصرف هذه البلية عنكم، وقد نظرت في أول فتنتكم وآخرها، فوجدتها جاءت من الأماني والحسد، واحذروا النقم، فوددت أن الله صير إليكم هذا الامر بحقه فكنا نعيش فيه.
فوثبت عليهما الأنصار، فأغلضوا لهما، وفحشوا عليهما، وانبرى لهما فروة بن عمرو فقال:، أنسيتم قولكما لقريش: (إنا قد خلفنا وراءنا قوما قد حلت دماؤكم بفتنتهم) هذا والله ما لا يغفر ولا ينسى، قد تصرف الحية عن وجهها وسمها في نابها.
فقال معن في ذلك:
وقالت لي الأنصار: إنك لم تصب *) فقلت: أما لي في الكلام نصيب