ولهما عبادة وفضل، فغضب للأنصار وشتم عمرو بن العاص، وقال:
يا معشر قريش، إن عمروا دخل في الاسلام حين لم يجد بدا من الدخول فيه، فلما لم يستطع أن يكيده بيده كاده بلسانه، وإن من كيده الاسلام تفريقه وقطعه بين المهاجرين والأنصار، والله ما حاربناهم للدين ولا للدنيا، لقد بذلوا دماءهم لله تعالى فينا، وما بذلنا دماءنا لله فيهم، وقاسمونا ديارهم وأموالهم، و ما فعلنا مثل ذلك بهم، وآثرونا على الفقر وحرمناهم على الغنى، وقد وصى رسول الله بهم وعزاهم عن جفوة السلطان، فأعوذ بالله أن أكون وإياكم الخلف المضيع والسلطان الجاني.
(قلت: هذا خالد بن سعيد بن العاص هو الذي امتنع من بيعة أبي بكر وقال: لا أبايع إلا عليا، وقد ذكرنا خبره فيما تقدم) (1).
قال الزبير: وقال: خالد بن سعيد بن العاص في ذلك:
تفوه عمرو بالذي لا نريده * وصرح للأنصار عن شنأة البغض فإن تكن الأنصار زلت فإننا * نقيل ولا نجزيهم القرض بالقرض فلا تقطعن يا عمرو ما كان بيننا * ولا تحملن يا عمرو بعضا على بعض أتنسى لهم يا عمرو ما كان منهم * ليالي جئناهم من النفل والفرض وقسمتنا الأموال كاللحم بالمدى * وقسمتنا الأوطان كل به يقضي ليالي كل الناس بالكفر جهرة * ثقال علينا مجمعون على البغض فساووا وآووا وانتهينا إلى المنى * وقر قرارانا من الامن والخفض قال الزبير: ثم إن رجالا من سفهاء قريش ومثيري الفتن منهم اجتمعوا إلى عمرو بن العاص فقالوا له: إنك لسان قريش ورجلها في الجاهلية والاسلام، فلا تدع الأنصار وما قالت، وأكثروا عليه من ذلك، فراح إلى المسجد وفيه ناس