أجد شيئا أزلف للمرء عند ربه جل وعز من الشهادة في طلب مرضاته.
ثم تتبعته ثانية أتأمل الجهاد أيه أفضل، ولأي صنف، فوجدته جل وعلا يقول:: (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة) فطلبت أي الكفار أضر على الاسلام وأقرب من موضعي، فلم أجد أضر على الاسلام منك، لان الكفار أظهروا كفرهم فاستبصر الناس في أمرهم، وعرفوهم فخافوهم.
وأنت ختلت المسلمين بالاسلام وأسررت الكفر فقتلت بالظنة وعاقبت بالتهمة وأخذت المال من غير حله فأنفقته في غير حله، وشربت الخمر المحرمة صراحا، وأنفقت مال الله على الملهين، وأعطيته المغنيين، ومنعته من حقوق المسلمين، فغششت بالاسلام، وأحطت بأقطاره إحاطة أهله، وحكمت فيه للمشرك، وخالفت الله ورسوله في ذلك خلافة المضاد المعاند، فإن يسعدني الدهر، ويعني الله عليك بأنصار الحق أبذل نفسي في جهادك بذلا يرضيه مني، وإن يمهلك ويؤخرك ليجزيك بما تستحقه في منقلبك أو تخترصني الأيام قبل ذلك فحسبي من سعيي ما يعلمه الله عز وجل من نيتي، والسلام.
ولم يزل عبد الله متواريا إلى أن مات في أيام المتوكل (1).
(776) عبد الله والمأمون نقل أبو الفرج في نفس الكتاب كتابا لعبد الله إلى المأمون والظاهر التعدد، ويحتمل أن تكون رواية أخرى من الكتاب المتقدم لتقارب المعاني فيهما، ونحن نورده بألفاظه.
قال: وكان عبد الله توارى في أيام المأمون، فكتب إليه بعد وفاة الرضا يدعوه إلى الظهور; ليجعله مكانه ويبايع له، واعتد عليه بعفوه عمن عفا من